آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 11:39 م

الطفل المتنمر ضحية أم معتدي؟!

منصور الرمضان

إن العلاقات الإنسانية بين الأمة البشرية مطلب ديني واجتماعي وأخلاقي، وكلما وُجدت المحبة والألفة بين قلوب البشر باختلاف أطيافهم وأديانهم، كلما زاد التقارب والحب والسعادة والوفاء.

إذن هناك علاقة طردية بين الألفة وهرمون السعادة وسبل تحقيقها..

والله سبحانه وتعالى حين وجّه خطابه لرسوله صلوات الله وسلامه عليه ﴿وإنك لعلى خلق عظيم لم تكن أخلاق المصطفى عليه الصلاة والسلام حسنة مع المسلمين فحسب، وإنما مع الوجود بأسره.

إذن تحقيق السلام والحب والمودة مطلب إنساني لكافة البشر، بجميع ألوانهم وأطيافهم.

وعكسه تكمن العداوة والكره والإنتقام وباستخدام كل الأساليب والطرق فقط وفقط من أجل خلق جو مشحون بين الأمة البشرية، ومن أنواعها ”التنمر“..

في البداية قد يستغرب البعض من هذا اللفظ، ولكن يا أحبائي التنمر هو مصطلح علمي عالمي ويقصد به إساءة موجهة من قِبل فرد على فرد آخر أضعف منه بقصد الإيذاء والتعدي وإظهار القوة والإنتصار، وأسوأ أنواعه ما قد يحصل مع الأطفال..!! فهل هو الأسوأ فعلا؟!

نعم فالأطفال هم الينبوع الجميل، والجمال العجيب، والأنفاس الدافئة التي نتنفسها، هم أرواحنا وضمائرنا، عقولنا وتفكيرنا وغايتنا..

لذلك ومع هذا الحنان الذي نحمله لهم يجب علينا الحفاظ عليهم من جور الجائرين واعتداء الآخرين، فهل تتحمل أكفهم الناعمة اعتداء من أحد، أو تتحمل قلوبهم كلمة مؤذية من فلان وفلان.. كلا وألف كلا..

لقد خرجت قليلا عن موضوعي «التنمر» أنا آسف.. ولكن وجداني وعاطفتي تتوقف حين ترى طفلا حزينا بسبب إيذاءا من أحد، سواء كان لفظي أو جسدي.

في الحقيقة عملت في سلك التعليم أكثر من ثلاثة عشرة سنة، وقضيتها كلها في تربية وتدريس الأطفال ما دون التاسعة من العمر.

وعرفت حقيقة جميلة أن قلوبهم أصفى من ماء النهر الزلال، وضمائرهم أنقى من ورد العبق الأنيق، فقلوبهم صافية نقية لا تعرف العداء أبدا.

إنما العداء أو بالمصطلح المشهور ”التنمر“ جاء بفعل فاعل!! نعم بفعل فاعل..!!

إما بإهمال من الأسرة، أو سوء تصرف من المعلم، أو تهميش من المجتمع، حتى نتج عنه هذا التصرف العدواني، فهو صفة مكتسبة وليست ذاتية، تزول بزوال المؤثر.

وكلما احتوينا أبنائنا وغمرناهم بالحب والعطاء، وأشعرناهم بالقرب والوفاء، ولمسنا وجدانهم بالحنان والدعاء، وجدناهم أسوياء عقلاء يحبون ويحنون ويبدعون وينتجون.

لنبدأ أحبائي من هذه اللحظة بالتقرب من قلوب أبنائنا وجدانا وفكرا وجسدا وظلاً، حتى لا يضطروا متأسفين للتعدي على الآخرين، بقصد الإساءة والتعدي لأنهم لم يجدوا من يحتويهم، ففي هذه الحالة فهم فعلا ضحية..!!