آخر تحديث: 25 / 4 / 2024م - 1:22 م

سلوك التنمر، ومن هو الضحية؟

أنت فاشل، أنت بدين، أنت أبّله، سوف أضربك، سماع مثل هذه الكلمات، أو التعرض الجسدي بالضرب، تغرس مختلف أنواع المخاوف في الأطفال المتنمر عليهم، وتهاجم نفسياتهم، وتزرع الإحباط في داخلهم.

ولكن هل انطلاق مثل هذه الكلمات من المتنمِّر له دوافع؟ وهل المتنمَّر عليه ضحية؟ ومانتيجة كلا السلوكين؟

لو نظرنا لموضوع التنمر من عدة زوايا لاكتشفنا أن كلا الطرفين متضرر، فالطفل المتنمر، والآخر المتنمر عليه، كلاهما يتعرض لضغط كبير.

فالأول هو نتاج مجتمع وتربية كان يشعر فيها بالألم الداخلي، ولا يشعر بالراحة والأمان في أعماقه، ولديه شعور بالنقص الدائم رغم أنه قد يظهر عكس ذلك تماماً، ليسده ويشبعه عبر التعدي على الآخرين الأضعف منه شخصياً.

أما الضحية فقد يملك مظهر مختلف ولافت عن الآخرين، أو لديه عاهة، أو يحمل أمراض نفسية أو جسدية، وعادة ما تكون شخصيته ضعيفه قد تصل به بقبول التنمر عليه لا شعورياً، ويرضخ أحياناً للإيذاء الجسدي.

فما هو واجبنا نحن كمجتمع وعائلة وأشخاص فعالين تجاه هذه الظاهرة؟

أرى أنه يجب علينا إحتواء كل الأطراف، ووضع خطة مدروسة لمتابعة الأمر، واستخدام أساليب الثواب والعقاب لردع المتنمر، فالمتنمر في حقيقته ليس شخص سيئ وظالم وبالمعنى ليس أنه قد لا يملك قيم إجتماعية، بل قد يكون كل يحتاجه هو علاج سلوكي ومع الأخذ بيده ومعالجة الأمر بحكمة واحتوائه وإعطائه الفرصة يخف ميله إلى التنمر مع الوقت، شريطة التعاون بين المحيط الذي يتواجد فيه كالمدرسة والأصدقاء، والأهل وضرورة التواصل بينهم والتركيز في حل هذه المشكلة.

وأما الضحية فيجب على الأهل تقوية العلاقة معه عاطفياً وتثقيفه حول إختلافة وتقبل مايحمل من إختلاف، ومحاولة زرع ثقته بنفسه من جديد مع تعليمه أن المتنمر ليس شخص سيء في داخله ولكن يحتاج علاج سلوكي ليصبح شخص سوي.

وهكذا عندما يلتحم المجتمع والأهالي في محاربة هذه الظاهرة يزداد الوعي بشكل تدريجي وملحوظ ويدرك كل فرد فيه هذا الخطأ، ويتفادى مثل هذا الإيذاء والإساءة النفسية والجسدية.

ختاماً هذه الظاهرة كانت ولاتزال موجودة وقليلاً ماينجو منها أحد خلال حياته خاصة في ظل وجود وسائل مساعدة لانتشارها مثل وسائل التواصل الإجتماعي، وبما أن نتائجها النفسية خطيرة فلا يجب على المجتمع التخفي أو التستر أو التساهل فيها، ولابد من التعاون في علاجها ولو بالإستعانة بإخصائي نفسي وسلوكي في سبيل إصلاح هذا السلوك، وعلاج كل الأطراف المعنية وزرع القيم والاخلاق الحميدة فيهم، وتوعيتهم بأن لكل فرد حقوق وواجبات عليهم احترامها وعدم ممارسة أي شكل من أشكال العنف.

وأخيرا قيل للحسن البصري ”ماحُسن الخلق؟“ فقال ”بذل الندى، وكف الأذى، وطلاقة الوجه“.