آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 10:36 م

الرموز.. المجتمع

محمد أحمد التاروتي *

صعود وافول الرموز الاجتماعية على اختلافها، مرتبط بعوامل عديدة ومسببات مختلفة، بعضها ذات علاقة بتلك الرموز ذاتها وامتلاكها للمواصفات القيادية، والقدرة على اقتناص الفرص بالشكل الملائم، مما يؤهلها للقيام بالادوار الاجتماعية المتعددة، سواء على الصعيد الخدمي او العلمي، او غيرها من الخدمات المختلفة، بالإضافة لذلك، فان البيئة الاجتماعية تلعب دورا أساسيا في فتح الطريق امام صعود تلك الرموز في المحيط الخارجي، من خلال التعاطي الإيجابي وعدم نصب الافخاخ امامها، مما ينعكس على سرعة الانطلاق في عالم الشهرة، وتوسيع دائرة النفوذ في المجتمع.

عملية الصعود ليست سهلة، ولكنها ليست مستحيلة على الاطلاق، فهناك عوامل عديدة تدفع باتجاه شق الطريق، نحو تحقيق ”الشهرة“ في الوسط الاجتماعي، وبالتالي فان استغلال تلك العوامل بالطريقة السليمة، يسهم في احداث الفرق بين شخص واخر في البيئة الاجتماعية، فهناك عناصر غير قادرة على الاستفادة من الفرص الكبيرة للصعود، وامتلاك مساحة واسعة من الاهتمام الاجتماعي، مما يحرمها من الحصول على المكاسب الشخصية، والبقاء بعيدا عن الوهج الإعلامي بشكل كامل.

تحقيق ”الرمزية“ الاجتماعي لا تأتي بشكل عشوائي، او بالتوارث في الغالب، فالامكانيات الذاتية تفرض نفسها على الوسط الاجتماعي، مما ينعكس على التسليم بضرورة الإذعان لتلك العناصر، وعدم الوقوف امامها او محاولة التقليل من شأنها، خصوصا وان القدرات الكبيرة التي تمتلكها لا تدع مجالا امام الاخرين، للوقوف بجانبها في سبيل تحقيق المصلحة المشتركة، وبالتالي فان ”الرمزية“ ليست للوجاهة الاجتماعية، وبقدر ما تفرض التزامات عديدة تجاه البيئة الاجتماعية، فالعملية ”اخذ وعطاء“، فكما للوهج الإعلامي حلاوة ولذة، فانه يفرض ضريبة تجاه الوسط الاجتماعي، بمعنى اخر، فان ”الرمزية“ تستدعي انتهاج سياسة ”الباب المفتوح“ تجاه القضايا الاجتماعية، وعدم اتخاذ الموقف المتفرج او المحايد على الاطلاق، لاسيما وان ”الرمزية“ ليست شهرة، وانما مجموعة التزامات لمساعدة الوسط الاجتماعي، على الخروج من المشاكل العالقة.

الموقف الإيجابي للبيئة الاجتماعية، يعطي زخما كبيرا لصعود ”الرموز“ في المجتمع، لاسيما وان الاحتضان وعدم اتخاذ الموقف المعارض، يساعد في خلق الجو المثالي لقيام ”الرموز“ بالدور المطلوب بدون ”منغصات“، خصوصا وان ”الرموز“ لا تستطيع العمل وسط أجواء سلبية على الاطلاق، مما يقود الى حرمان المجتمع من الخدمات الجليلة لتك ”الرموز“، سواء على المدى القريب او البعيد، فهناك مجتمعات تمتلك قدرات استثنائية في ”قتل“ الرموز، عبر استخدام المحاربة المباشرة او غير المباشرة، الامر الذي يفسر عدم صمود ”الرموز“ لفترة طويلة، اذ سرعان ما تختفي بعد فترة قصيرة، جراء استخدام الأساليب المختلفة لقطع الطريق، امام صعودها في الوسط الاجتماعي.

الوعي الاجتماعي بضرورة الالتفاف حول العناصر القيادية، يقضي على الدعوات ”النشاز“ الصادرة من بعض الأصوات، بخصوص انتهاج سبيل الحرب ضد ”الرموز“، لاسيما وان المصالح تمثل المنطلق لمبدأ المعارضة لدى بعض الأطراف، وبالتالي فان البيئة الاجتماعية الواعية تقف بحزم امام تلك الدعوات غير الصادقة، الامر الذي يتمثل في تقديم مختلف أنواع المساعدة المادية والمعنوية، بهدف اتاحة المجال مع ”الرموز“ للقيام بدورها الإيجابي، لتقديم الخدمات في مختلف المجالات، وبالتالي فان الوعي يمثل السلاح الأكثر قدرة على إيقاف الخطط غير السليمة، لدى البعض في محاولة ”قتل“ الرموز في المجتمع.

الرموز الاجتماعية لا تشكل خطورة على المجتمع، حيث تعتبر ”رافعة“ لانتشال شرائح اجتماعية، من مستنقع ”المشاكل“ الكبرى، نظرا لامتلاكها الحلول المناسبة عبر ابتكار العديد من الأساليب، مما يعود على الوسط الاجتماعي بالفائدة الكبرى، وبالتالي فان المخاوف غير المبررة من فتح الطريق امام ”الرموز“، تقود الى الطريق المسدود في النهاية.

كاتب صحفي