آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 1:31 ص

الولاء لوطني فقط

أمير بوخمسين صحيفة الرأي السعودي

كلمة «ولاء» تعني في مجمع المعاني الجامع «معجم عربي عربي»: الملك - الطاعة - النصرة - القرابة - الإخلاص - المحبة، هذه المعاني لكلمة ولاء تمّر علينا مرور الكرام، ولا نبالي بها، في حين أنها تعني الكثير في شخصيتنا ومجتمعنا، بل تؤثر كثيرًا في تطور ونمّو مجتمعاتنا، ولعل كلمة ولاء في عالمنا العربي فقدت بريقها، وأصبحت في إطار ضيق لا ينفك أن ينحصر في الولاء المنغلق من قبل أفراد المجتمع على القبيلة والعائلة وتحول إلى الأسرة الصغيرة، بينما الولاء المنشود والمطلوب الذي يمثل الأمة والدولة.

في عالمنا العربي تجد الولاءات متعددة ومتشتتة وتفتقد للبوصلة المركزية، فهناك الولاء للقبيلة وللعائلة وللمدينة وللمنطقة وللحارة وللحزب وللتنظيم وللفريق وللشخصية… إلخ، هذه الولاءات المتفرقة والمتشتتة أخرت تطور بلادنا ونمّوها، وبالتالي التأخر في مواكبة التطور الحضاري.

فبدلا من أن يتحول الولاء الصادق للوطن والقائمين على خدمة الوطن والدولة، تحول إلى تجاه آخر في موالاة الآخر وتبعيته، ما أدى إلى خلق المشكلات والمتاعب والحروب ودمار البلاد والعباد، إننا أمام معضلة حقيقية في فهم واستيعاب كلمة ولاء، حيث فقدان الروح الوطنية وابتعادها عن الوطن، وتأثر المواطن باتباع الآخر نظرا لبروز الآخر كنموذج متطور ومثالي بالنسبة له أفقده كل أشكال الموالاة وأصبح لا يقتنع بأي عمل أو مشروع أو تطور تقوم به الدولة أو المجتمع، وتحول إلى طاقة سلبية غير واثقة بأن هذا الوطن أو المجتمع سوف ينمو ويتطور مستقبلًا.

هذه الحالة أضعفت حالة الموالاة في عالمنا العربي، وأصبحنا موالين للخارج في كل قضايانا السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وتحولنا أبواقًا لمشروعات هنا وهناك، وكثير من دولنا أصبحت بوقًا لدول أخرى، والمجتمعات العربية على نفس شاكلة دولتها، والدول الأخرى تأخذنا في كل الاتجاهات وتتلاعب فينا حسب توجهاتها نظرًا لفقداننا بوصلة الولاء الحقيقي ألا وهي بلادنا وأوطاننا.

وللنظر في أوضاع بلادنا العربية آخر شيء تجده عندما تسأل أي مواطن: هل تحب بلادك؟ ولو حصل لك السفر خارجًا والإقامة هل ستترك بلادك أم ستبقى وتسعى في نمو وتنمية الوطن؟ سنجد الجواب المباشر سأشّد رحالي وأسافر للخارج، إنه الولاء المفقود.

ولأستعرض بعض الأسباب بشكل مختصر، لنرى أنها متشابهة لدى الكثير من الدول التي تجعل مواطنيها غير موالين:

1 - الفساد واحتكار الثروة والتعدي على حقوق الآخرين وحصر كل المناصب لدى فئة محددة، أفقد حالة الولاء لدى الكثيرين من أبناء المجتمع.

2 - عدم تثقيف المجتمع وزرع روح ومفاهيم الولاء في صفوف أبناء المجتمع، حيث يكبر الفرد ويشّب، وهو لم يشعر في يوم من الأيام بأنه جزء من هذا الوطن، بسبب ما واجهه في حياته من نكد وضيق ونكران له، فلم يتم العمل على تثقيف المجتمع وتنويره عبر نشر ثقافة حب الوطن والولاء للوطن والإخلاص، وذلك باحترام الإنسان وصون كرامته، وخير مثال على حالة «اللا ولاء» لدى المجتمع عدم الاكتراث والاهتمام بالمرافق العامة والخاصة، والإهمال المتعمد في النظافة وعدم الحفاظ على سلامتها من الخراب، وتدمير كل ما تنشئه الدولة تحت حجة الملك العام وأن هذا لا يخصني، وبالتالي إلى المحرقة، هذه الروح الأنانية وغير الموالية لوطنها كان نتيجة تراكمات تاريخية وبفعل الأسباب التي ذكرتها.

إننا أمام تحدٍ كبير في هذه المرحلة من أجل العمل الجاد على إرجاع الثقة لروح الموالاة لوطننا ولمجتمعنا، وأول خطوة لبناء الثقة والموالاة لوطننا هي نبذ التعصب والتفرقة بكل أشكالها الفئوية والمذهبية والقبلية والمناطقية والتأكيد على أنه لا يوحد لدينا إلا وطن واحد كلنا جميعا ننتمي إليه ويجب الحفاظ عليه.