آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 7:46 م

التحفيز.. المجتمع

محمد أحمد التاروتي *

يلعب التحفيز دورا حاسما في تفجير الطاقات الكامنة، فالتحفيز بمثابة الفيتامين المنشط للذاكرة الساكنة، في العقول لدى بعض الافراد، فهذه النوعية من الأشخاص بحاجة الى تحريك، تلك المناطق الخاملة، بغرض الانطلاق نحو الابداع، والإنجاز في مختلف المجالات، الامر الذي ينعكس على صورة إيجاد أجيال تمتاز بالقدرة على كسر الاطار التقليدي، للانخراط في عالم الخيال، او ”المستبعد“ في فترة من الفترات الزمنية.

عملية التحفيز ليست ورقة خاسرة، او قابلة للاحتراق بسرعة، فهي تمتلك الديمومة على البقاء لفترات طويلة للغاية، مما يجعلها شمعة دائمة الاشعال في مختلف الظروف الزمانية، وبالتالي فان اللعب على وتر التحفيز ليس رهانا خاسرا على الاطلاق، بقدر ما يكشف القدرة على توظيف الطاقات المعطلة، بالاتجاه الإيجابي على الدوام، بحيث يتجلى في مجموعة من الإنجازات، والعديد من الاعمال ذات الأثر الفاعل، في المسيرة الاجتماعية.

الايمان الكامل بأهمية التحفيز في المشوار الاجتماعي، يساعد في قطع شوط كبير في معركة البحث، عن عناصر التقدم والرقي في البيئة الاجتماعية، خصوصا وان انعدام الحماس بقدرة التحفيز، على خلق الحالة الإيجابية في العقول الساكنة، يولد حالة من اليأس وعدم مواصلة العمل، باتجاه الدفع بالعقل الجمعي نحو التحول الشامل، وبالتالي فان الايمان الكامل يقضي على الخمول، الذي يعتري البعض تجاه وضع ورقة التحفيز، في الواجهة على الدوام، باعتباره - التحفيز - احد الأسلحة النفسية الفاعلة، في توليد شحنات قوية، الامر الذي يتمثل في تشكيل عقول، وكفاءات تمتلك مقومات النهوض، والتحرك نحو الإنجازات بدون تردد، او وجل من التعثر او السقوط معركة التقدم والازدهار.

إيجاد البيئة الجاذبة لتوليد الأفكار، واطلاق العنان للفكر، يمثل احد العوامل الأساسية لاحداث فروقات كبيرة، في الانقلاب الشامل في العقل الجمعي، خصوصا وان الإحباط وعدم التشجيع يولد الخمول، والتكاسل في الغالب، مما يحرم المجتمع من القدرات العقلية القادرة على تحطيم الجمود، والعمل على رسم المستقبل بخطى ثابتة، خصوصا وان العملية ليست مفاجئة وانما تتسم بالتدرج، والعمل بشكل مدروس للوصول الى القمة، وبالتالي فان العمل على تحريك العقول الساكنة، يستدعي وضع البيئة المثالية لاستقطاب جميع الطاقات بلا استثناء، فالعقول الجمعية قادرة على وضع الأمور في السكة السليمة، والتعامل بشكل احترافي مع التحديات الحالية، بغرض تجاوزها والانطلاق باتجاه المستقبل.

البرنامج المتكامل لرفد الأجيال بالعناصر القادرة، على احتضان العقول على اختلافها، يمثل عامل قوة للمجتمع، فكل خطوة تهدف للرفع بالمستوى العلمي، والعملي في البيئة الاجتماعية، يساعد في الهدف المشترك للنهوض بالعقل الجمعي، لاسيما وان وجود الفريق القادر على اكتشاف المواهب والطاقات، يشكل حلقة أساسية في مشوار العطاء الشامل، فالجميع يتحرك باتجاه الغاية ذاتها، وهي احداث الفروقات الكبرى في المسيرة التنموية، مما يستدعي وضع المصالح الشخصية جانبا، والتحرك نحو العمل الجمعي، بهدف الحصول على النتائج الباهرة، سواء في المدى القريب، او البعيد، وبالتالي فان التحفيز ليس ترفا في صنع المعجزات، وانما يشكل نقطة تحول في مختلف الأصعدة، من خلال استغلال المنطقة الساكنة في العقول، ومحاولة تحريكها بشحنات كهربائية قوية، عبر ورقة ”التحفيز“.

المجتمع باعتباره الحاضنة للعقول والكفاءات على اختلافها، فانه احد الأركان الأساسية في تكريس ثقافة التحفيز في العقول، سواء الفئات ذات المواقع المتقدمة، او غيرها من الشخصيات العاملة، في الساحة الاجتماعية، فالتحفيز بحاجة الى ثقافة اجتماعية قادرة على تحريك الجميع، باتجاه العطاء على الدوام، لاسيما وان الفوائد المرجوة من وراء تحطيم القيود المادية، والمعنوية المكبلة للانطلاق، لا تقتصر على شريحة اجتماعية دون غيرها، وانما تشمل جميع الفئات الاجتماعية، مما يعظم من الفوائد على المجتمع بشكل كامل، الامر الذي يستدعي التعامل بمسؤولية كبيرة مع التحفيز، وعدم وضع هذا السلاح الفعال في خانة ”الكماليات“، خصوصا وانه يعتبر من ”الأساسيات“، في المسيرة الاجتماعية التنموية.

كاتب صحفي