آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 4:37 ص

التطوع رؤية.. بتنفيذ متناقض

دكتورة لمياء عبدالمحسن البراهيم * صحيفة اليوم

يحتفل الكثير من القطاعات الحكومية والهيئات والجمعيات في السعودية بيوم التطوع العالمي الذي خصّصته الأمم المتحدة منذ عام 1985م، في الخامس من ديسمبر.

سعت المملكة إلى تعزيز ثقافة التطوع كأحد أهداف الرؤية، حيث تطمح السعودية من خلال رؤيتها 2030 إلى تطوير مجال العمل التطوعي، ورفع نسبة المشاركة المجتمعية إلى مليون متطوع قبل نهاية عام 2030، وذلك لأهميته ودوره في بناء المستقبل والتنمية المستدامة، هادفين من خلال الاحتفال بهذه الفعالية إلى شكر المتطوعين على مجهوداتهم، وزيادة وعي الجمهور حول مساهمتهم في المجتمع.

مؤخرًا، كرَّمت وزارة الحرس الوطني، وجامعة الملك سعود بن عبدالعزيز للتخصصات الصحية منسوبتهم التي أنقذت قريبتي في حادثة سير، بعد أن وصلتهم تغريداتي في شكرها، وذلك تقديرًا منهم وتحفيزًا للمبادرات التطوعية.

وسأستعرض دور وزارة الصحة في تحفيز التطوع من خلال ملامستي تفاصيل اهتمامهم بالتطوع، وقد تشرَّفت بتكليف من وزارة الصحة في 2015م بإدارة إعداد تصوّر مشترك حول الواقع التطوعي في المجال الصحي بالخليج العربي، تحت مظلة مجلس الصحة لدول مجلس التعاون.

وكان لوزارة الصحة السعودية، وضمن اللائحة الصحية من الخدمة المدنية، باع طويل في تحفيز ممارسيها للعمل، مثل اعتبار التطوع ضمن الحوافز المالية للموظف ببدل التميّز، والتكريم من قيادات الصحة الذي يناله المتطوعون، وأخيرًا وليس آخرًا تخصيص برنامج يُعنى بالمشاركة المجتمعية؛ ليصبح مظلة تنظيمية محفزة وموجّهة للعمل التطوعي، ولتصميم واستقطاب شراكات مؤثرة بين وزارة الصحة، ومكوّنات المجتمع بما يحقق أهداف الوزارة والمستفيدين والشركاء المجتمعين.

ويحمل البرنامج مبادرات تنظيم وتشجيع العطاء الخيري في المجال الصحي، مثل الأوقاف في المجال الصحي، وتأسيس صندوق خيري صحي، ومركز خدمة الشراكة المجتمعية، وتطوير منظومة التطوع الصحي للممارسين الصحيين من خلال إستراتيجية تطويرية، ومركز وطني للتطوع الصحي يضم جميع القطاعات الصحية في المملكة، وبناء قدرات الكيانات الصحية الأهلية، وغير الربحية؛ لتمكينها في التطوع، وتشجيع المبادرات المجتمعية للأفراد في المجال الصحي.

وتحتفل وزارة الصحة تحت رعاية معالي وزير الصحة بيوم التطوع العالمي، وبالتزامن مع إطلاق حملة تطوعي صحة 3، حيث كانت نتائج مبادرة تطوعي صحي 2 السابقة مذهلة من حيث المشاركة المجتمعية، حين استهدفوا فيها 3000 متطوع، ولكن مَن شارك فيها 40538 متطوعًا، وتوقّعوا من المتطوعين 9000 ساعة تطوعية، بينما تجاوز عدد الساعات التطوعية 121614 ساعة تطوعية، وبتوقّع مشاركة 600 منشأة صحية، لكن مَن شارك في التطوع 793 منشأة صحية.

من جانب آخر، يواجه منسوبو قطاعات صحية تخضع لتنظيمات وزارة العمل «التي تهتم بالتنمية، وتتبع لها الجمعيات الخيرية» تعقيدات تمنع منسوبيها من التطوع حتى خارج ساعات العمل، حيث تشترط عليهم من خلال العقد أنه لا يحق بأي حال من الأحوال عمل موظفيها بشكلٍ مباشرٍ أو غير مباشر، أو بأجر أو بدون أجر في أي وظيفة أو خدمة أو عمل تجاري غير ما يُكلَّف به من جهة عمله.

وهنا نطرح السؤال: مَن المسؤول عن حل هذا التناقض بين اللوائح التنفيذية من قطاع صحي إلى قطاع صحي آخر؟

وهل يحق للمؤسسات توقيع منسوبيها على بنود تتعارض مع الرؤية الوطنية؟

استشارية طب أسرة
مستشار الجودة وسلامة المرضى
مستشار التخطيط والتميز المؤسسي
كاتبة رأي