آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 2:44 م

إيراد مجلوب لإنفاق مطلوب

الدكتور إحسان علي بوحليقة * صحيفة الاقتصادية

على الرغم من أنها ثاني أضخم ميزانية تقديرية أعلنت في تاريخ المملكة، بإنفاق يتجاوز 1,020 تريليون ريال، وما يحمله ذلك من توجه توسعي للإنفاق العام سيؤدي إلى تعزيز الطلب المحلي، ويحفز الاقتصاد على النمو، الأمر الذي يؤدي إلى زيادة الطلب على اليد العاملة ويتيح فرصا للمصنعين والمزودين والرياديين المحليين. وعلى الرغم من ذلك، مكن ”الضبط المالي“ المملكة الإعلان عن ميزانية توسعية تتحدى تقلبات إيرادات النفط. وهو - تحت أي ظرف - إنجاز طال انتظاره؛ فعند النظر إلى الإنفاق غير المسبوق الذي أعلن اليوم ضمن الميزانية، نجد أنه تجاوز نوعيا الهيكلة التقليدية لتمويل الميزانية بأن تمثل العوائد النفطية نحو 90 في المائة من الإيرادات، فمصادر تمويل مصروفات الميزانية في عام 2020، متنوعة بين إيرادات نفطية، وإيرادات غير نفطية، ودين عام، وأرصدة حكومية نتيجة وفورات واحتياطيات. فضلا عن أن هذه الهيكلية تنطوي على أمر مهم، وهو أنه في حال تراجعت إيرادات النفط، فلن يعني ذلك توقف البرامج الاجتماعية - الاقتصادية، ولن تتعطل برامج تحقيق ”الرؤية 2030“، إذ سيكون أمام الخزانة العامة خيارات لتغطية النقص الذي قد يحدث نتيجة تراجع الإيرادات النفطية. ولبيان ذلك، نمت الإيرادات غير النفطية من 71 مليار ريال في عام 2010 إلى 294 مليار ريال في عام 2019، ومن المتوقع أن تبلغ 315 مليار ريال في عام 2020، أي ما يعادل 34 في المائة من إجمالي الإيرادات، بمعنى أن الإيرادات النفطية تسهم ”بريالين“ وغير النفطية ”بريال“ من كل ثلاثة ريالات ستنفقها ميزانية عام 2020.

وفوق كل ذلك، فالإنفاق التوسعي لا يعني إنفاق المال في رواتب ومستهلكات وتشغيل وصيانة فقط، فما حققته المملكة خلال الأعوام العشرة الماضية من إنفاق رأسمالي ضخم توجه للبنية التحتية وزيادة السعة الاقتصادية، ممولا بإيرادات نفطية عالية، عاد ثانية من خلال إعادة هيكلة المالية العامة وتوسيع قاعدة إيرادات الخزانة العامة، بإطلاق برنامج تحفيزي يرتكز على ضخ رأسمالي واستثماري، سبقت الإشارة إليه. وباعتبار أن بناء سعة اقتصادنا الوطني أمر لا يمكن أن يتوقف أو حتى يتباطأ، فالمعول على برنامج صندوق الاستثمارات العامة، ومنظومة صندوق التنمية الوطني من الصناديق التنموية المتخصصة، أن تحقق شراكة جديدة أعلى وتيرة مع القطاع الخاص، تؤدي إلى جعل الإنفاق الحكومي أعلى كفاءة، وتتيح للقطاع الخاص دورا اقتصاديا أكثر حيوية، يوازن بين تطلعات الرؤية السعودية 2030، المالية والاقتصادية في آن معا. يذكر أن الإنفاق العام الرأسمالي بلغ 172 مليارا في العام 2109، وسيرتفع ارتفاعا طفيفا إلى 173 مليارا في عام 2020.

كاتب ومستشار اقتصادي، رئيس مركز جواثا الاستشاري لتطوير الأعمال، عضو سابق في مجلس الشورى