آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 4:37 ص

البحث عن الظلمة في نهاية النفق!

الدكتور إحسان علي بوحليقة * صحيفة الاقتصادية

يبدو أن هناك من يغمض عينيه في وضح النهار، ويريد أن يقنع الآخرين بأن الدنيا دامسة الظلام، ليس لسبب سوى تعلقه بالسلبية. أمر مستغرب فعلا. وبعد أن أخذت السعودية في الخروج من تبعات التراجع الكبير في الإيرادات النفطية، الذي بدأ في النصف الثاني من عام 2014، وما تبعه من إعادة هيكلة اختيارية بدافع الارتقاء بالأداء، ورفع كفاءة الإنفاق والنهوض للمستقبل بتنويع الاقتصاد، وحفزه ليحقق قفزة تأخذه من ”الريعية“ إلى ”الإنتاجية“، وبعد أن تكرس ذلك الجهد وتأطر في رؤية المملكة 2030 ومرتكزاتها الثلاثة، وأهدافها ثلاثية المستويات، أخذت النتائج تبرز تباعا لتبين أن المستهدفات تتحقق تباعا بالجهد الدؤوب والإصرار، وليس بمجرد التمني أو بالانثناء عند أول عائق. ولذلك شواهد:

أولا - شهدنا هذا عندما أخذت المملكة موقفا استراتيجيا مختلفا نوعا عما كان سائدا في إدارة سوق النفط العالمية، عندما ”هندست“ اتفاق ”أوبك+“، بأن نجحت في استقطاب أهم المنتجين الرئيسين من خارج ”أوبك“ وعلى رأسهم روسيا الاتحادية، وأخذنا نرى تماسك أسعار النفط، ونجحت بعد ذلك في تحقيق أمرين، «1» التزام بالتخفيضات من قبل الدول المشاركة في الاتفاق، يقوَّم في أحيان عدة بمستوى 100 في المائة، و«2» تجديد اتفاق ”أوبك+“ والسعي إلى جعله اتفاقا طويل المدى. وقبل نحو أسبوعين نجحت المملكة مجددا في إقناع ”أوبك+“ بالاتفاق على مزيد من التخفيضات بما يؤدي إلى تماسك أسعار النفط ودفعها نحو الأعلى. ثانيا - شهدنا طرح ”أرامكو“ في سوق ”تداول“ والإقبال غير المسبوق عالميا على أي ورقة مالية طرحت من قبل، وبعد أن نجح الاكتتاب، شهد التداول نجاحا، أدى إلى رفع قيمة سهم ”أرامكو“ لما فوق قيمة الطرح بنحو 5,75 ريال في أول أسبوع من التداول.

ثالثا - شهدنا تراجعا متتابعا في معدل البطالة، إلى أدنى مستوى منذ ثلاثة أعوام، إلى 12 في المائة، وفي الطريق للوصول إلى المستهدف 7 في المائة. هذه مجرد عينة محدودة من الشواهد، أما الجهد والإصرار فيتضحان في الميزانيات التريليونية، التي تُرصد لتقديم الخدمات على تنوعها، وفي الوقت نفسه توسيع البنية التحتية من خلال مخصصات الإنفاق الرأسمالي، التي تقدر بنحو 607 مليارات ريال على مدى أعوام 2018 2020، وتحديدا 188 مليارا لعام 2018. و246 مليارا لعام 2019، و173 مليارا لعام 2020. ثمة تحديات كبيرة لا شك، ولا عزاء لمن لا يريد أن يشاهد الضوء.

كاتب ومستشار اقتصادي، رئيس مركز جواثا الاستشاري لتطوير الأعمال، عضو سابق في مجلس الشورى