آخر تحديث: 16 / 4 / 2024م - 6:58 ص

لماذا لم يجدوا علاجا للسرطان

علي جعفر الشريمي * صحيفة الوطن

نشرت صحيفة الوطن قبل أيام خبرا عن تزايد معدلات الإصابة بمرض السرطان في العالم، وفقا لما نشرته جمعية السرطان الأميركية لعام 2018، حيث وصلت الحالات إلى 18,1 مليون حالة سرطان جديدة، وبلغ عدد الوفيات نحو 9,6 ملايين، فيما بلغت الإصابات في المملكة حسب السجل الوطني للأورام، التابع للمجلس الصحي السعودي، 12 ألف حالة للسعوديين و4 آلاف لغير السعوديين.

السؤال الذي يتبادر للذهن: إذا كان السرطان مرضا جسديا فلماذا لا نجده في المجتمعات البدائية في الماضي؟ اليوم تتحدث مراكز الأبحاث والدراسات العالمية عن علاقة المرض بالبعد النفسي، بل هناك من يؤكد أن السرطان مرض نفسي في المقام الأول، لا جسدي، فطبيعة المجتمعات المتطورة تكنولوجيا يزداد معها التعقيد، وكلما توتر العقل كثيرا إلى درجة لا تطاق يبدأ يؤثر في كيمياء الجسد، ولهذا يوجد السرطان فقط عندما تصبح الحضارة شديدة التعقيد إذا، وبناء عليه هناك علاقة طردية بين تعقيد المجتمع وبين ازدياد إصابات السرطان. لذلك صار هناك حديث كثير في برامج تطوير الذات وفي دراسات الطب النفسي اليوم عن أهمية الاسترخاء، خاصة استرخاء العقل، لأنه إذا استرخى الدماغ وتوقف عن التفكير يلحق به الجسد عاجلا أم آجلا، فالسرطان لا يوجد في أجواء السكون، بل يكون راسخا في حالة العقل العصابي، ولربما هذا هو سبب عجز العلماء في الطب الحديث حتى الآن عن أن يجدوا له علاجا شافيا، وحتى بعض المعلمين الروحانيين يقولون: يوم يجد الطب علاجا للسرطان سيخلقون للعالم أمراضا أكثر خطورة من السرطان، هكذا جرت الأمور على مدار العصور، تم التغلب على أمراض بسيطة وظهرت بعدئذ أمراض أخطر.

اليوم تتحدث المراكز التربوية والنفسية عن عدم المبالغة في تعليم الأطفال مهارات التفكير في المدارس، لأن الطفل إذا كبر سيحدد كينونته ويستمدها من خلال العقل «الدماغ»، وهذا سينعكس على حياته بالتوتر والقلق، لأن مخيلته والجزء الأيمن من الدماغ مشغول بالتخيل الذي هو المستقبل، وسيتحرك الجزء الأيسر بشكل لا شعوري في التحليل والتفسير والتركيب، وبالتالي لا وجود للحظة الحاضرة والراهنة.

تتحدث هذه الدراسات أنه كلما كان الإنسان أكثر هدوءا وراحة، ومسترخيا تماما، سيكون الدماغ والعقل في خدمة الإنسان، فيتحرك العقل ويبدع وستكون المخيلة حرة في أن تخلق داخل الحاضر نفسه، بعكس عندما تعتمد بشكل رئيس على العقل، فيبدأ يطحن نفسه بشكل مستمر حتى يتعطل ويمرض، حتى إنه في بعض الدول مثل الصين وبعض المدن الهندية يعلمون الأطفال مهارات الصمت كتطبيق عملي للتعبير عن اللحظة الراهنة، وأن نعمة الحب هي نعمة الاسترخاء، وعندما تحب جسدك ستشعر بالاسترخاء، هم يعلمونهم إن لم تستطع أن تشعر بجسدك وترخيه وتحبه لن تستطيع أن تشعر بالآخرين وتحبهم.

العالم اليوم أصبحت فيه المجتمعات متحفزة للعمل، بل ومهووسة به، وهذا ما يزرع في ذهنك منذ الطفولة أفكارا معادية للاسترخاء. وهنا من المفيد للموظفين أن يجدوا لأنفسهم ساعة أو ساعتين وقت العمل للاسترخاء حتى يمنحوا البصيرة، وبالتالي سينعكس هذا على أعمالهم وقلة أخطائهم، بل ينطلقون بأقصى طاقاتهم الإبداعية.

أخير أقول: لعل السرطان وغيره من الأمراض يمكننا تفاديه، بعلاج الاسترخاء والسكون، فهذا المرض ما هو إلا تجلٍّ لكل أمراض الإنسان المكبوتة مجتمعة، ولعل الإحصائيات الآنفة الذكر تؤكد ذلك، حيث تشير إلى أن الإصابة بمرض السرطان تتزايد عند التقدم في السن.

من المفيد للموظفين أن يجدوا لأنفسهم ساعة وقت العمل للاسترخاء حتى يمنحوا البصيرة، وينعكس هذا على أعمالهم وقلة أخطائهم، بل ينطلقون بأقصى طاقاتهم الإبداعية.