آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 4:39 م

قرار انسحاب ملكيّ.

ليلى الزاهر *

في منظر جميل حيث لا أبواب ولاجدران تقتحم عالمك، بين قصور البوسفور الجميلة على شواطئ تركيا يأْخُذك زمن آخر حين شيّد السلاطين العثمانيون قصورهم الفخمة قبل ثلاث مئة عام.

على شواطئ البوسفور الساحرة التي يتزاحم حولها الكثير من السّياح هناك تشْمخ أجمل قصور ولكن الحكومة التركية حولتها لفنادق وسفارات وذهب الزّمن بأصحابها.

وبجولة بسيطة في أحد الأحياء الفخّمة تبدو لنا تصاوير متنوعة تحاكي الجمال الصارخ في البناء المعماري للقصور وإنشاء أفْخم المنازل. ربما نجهلُ حقيقة الحياة التي ينشدُ أصحابها السعادة فيها ولانجزم يقينًا براحتهم. غير أن البعض يعلم أنّ خلف هذه القصور هناك من يتألم ويعيش بحزن.

لذلك عند تمريرنا لشريط يوميات الناس لابد أن نُدرك أن أحدهم يئن تحت وطأة آلامه، ويتمنى عيْش الفقراء مقابل الشفاء من مرض عضال. إنّه يكظم حزنه، يُواري حسرته بفقده لعزيز، أو هجرانه لحبيب.

إن الأحداث المغيّبة عنّا كثيرةٌ وتشمل تفاصيلَ عديدة، قد نفتقد الخيوطَ التي تُرشدنا نحو الحياة الحقيقية للناس ولانرى الوجه الآخر لحياتهم.

ومن جهة أخرى قد ينشد أحدهم السلامة والراحة في مغادرة القصور ويحبذالسكن في بيوت متواضعة تشعُّ بهجةً وحبورا، بل يعدّ البعض توديع القصور حياة جميلة لحياة مستقرة وهادئة.

إن تداعيات خروج الأمير هاري وزوجته ميغان من تحت مظلّة القصر الملكي البريطاني أذهلت الكثير، وكانت خطوة تأرجحت بين مؤيدٍ ومعارض.

‏وطبقا لنتائج الاستطلاع فإن الغالبية يُحمّلون ميغان مسؤولية قرار الانسحاب من العائلة المالكة البريطانية في حين يرى 4% منهم فقط أن الأمير هاري يتحمل أيضا جزءا كبيرا من مسؤولية هذا القرار.

وفي خضم هذه الأحداث أصبحنا لانحتاج إلى قصور بقدر حاجتنا لإنسان.

أنت بحاجة لإنسان مخلص. يقف بجانبك تريد ظهوره معك في صور الأيام، تُلْبِسه من قِيمك ومبادئك، تلتقط النجوم من أجله، وقد تدّخره لأيامك القادمة، يعتني بحاضرك ومستقبلك. يستطيع سرْد قصّتك بأسانيد قويّة.

إن القصور إلى زوال ويُدفن أصحابها تحت التراب وتبقى أنفاس الخير يتردد صداها عبر الأزمان.

أين قوم عاد؟ وأين حضارتهم العمرانية التي لم يُشاهد مثلها في تلك الفترة الزمنية؟

كما وصفها الله تعالى في كتابه الكريم:
"إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ" وأين أحقافهم؟!