آخر تحديث: 20 / 4 / 2024م - 2:34 ص

المسرح العربي وأزمة النص

سراج علي أبو السعود * صحيفة الرأي السعودي

قدم الفنان ناصر القصبي المسرحية الكوميدية «الذيب في القليب» والتي عُرضت لأول مرة في موسم الرياض الجاري وشهدت حضورًا لافتًا، المسرحية التي استعرضت جملة من الأمور الاجتماعية من ضمنها التطرف الديني في فترات سابقة وأهمية ألا يقابل بتطرف معاكس حينما يُمنح الجميع الحرية، هي - كما أعتقد - باكورة لنشاط مسرحي ينبغي أن يضطرد في المستوى ليصل إلى القيمة الفنية العالية التي تليق بسمعة بلادنا وقيمتها، وبذلك فإنَّ العبء كبير على صنَّاع المسرح وينبغي بذل الكثير من الجهد من أجل الوصول به لأعلى المستويات.

ثمة نقطة طالما وجدتها نقطة ضعف في المسرح العربي عمومًا أحرى بالتأمل بها وتصحيحها، إنها - كما أعتقد - مشكلة النص المسرحي وعدم بذل الجهد في البحث في النصوص الروائية والأدبية ذات الجودة العالية الموجودة في شتى ثقافات العالم.

هكذا يمكن ملاحظة أشهر الروايات العالمية التي مُنح أصحابها أعلى الجوائز متوفرة في جميع المكتبات، وهي بذلك تمنح جميع المشتغلين في صناعة السينما والمسرح فرصة استثمارها في أعمال ذات قيمة أدبية واجتماعية عالية، عدم الاستفادة من هذا المخزون الأدبي الهائل المتوفر بين أيدينا هو - كما أعتقد - نقطة سلبية لا يمكن تبريرها، وحتى على افتراض ما يسمى بخصوصية المجتمع التي قد تكون على طرف نقيض من بعض النصوص الروائية فإنَّ جملة من الكُتَّاب المبدعين في السعودية وفي عالمنا العربي يمكن لإنتاجهم الفكري أن يشكل نصوصًا مسرحية عالية الجودة، بل يمكن لهم أن يبلوروا أفكارًا في أذهان الفنانين ويحولوها إلى نصوص رائعة.

هذا ما يدعونا أن نطرح على طاولة الفنانين في السعودية بالخصوص وفي عالمنا العربي عمومًا هذا التساؤل وربما التعجب حول تجاهل مئات النصوص الروائية الرائعة المتوفرة بين أيديهم، وذلك العدد الكبير من الكتاب الروائيين المبدعين في مجتمعاتهم وعدم الاستفادة منهم في أعمال مسرحية ذات قيمة.

في اعتقادي أنَّ كثيرًا من المسرحيات والأفلام التي قدمها الإعلام العربي لا ترقى للمستوى الذي يتناسب مع تحديات العصر، السبب - كما أعتقد - هو في جزء منه يعود لعدم الاختيار الجيد للنصوص الأدبية، وعدم استثمار المؤلفات الروائية والأدبية الكثيرة المتوفرة، وما لم يستثمر صناع السينما والمسرح العربي الكم الهائل من هذه النصوص، فسيبقى حال المسرح العربي في مراكز متأخرة لا تليق بأصالة مجتمعاتنا وبالتحديات الفكرية التي تتزايد يومًا بعد آخر.