آخر تحديث: 20 / 4 / 2024م - 2:34 ص

المؤشر / الحلقة 2

المهندس أمير الصالح *

”لا تقول لي ولا أقول لك . الأمور واضحة وضوح الشمس ، معدل قراءة الكتب في الجيل الصاعد من أبناء مجتمعنا في انخفاض كبير جدا . كل المؤشرات تدل على ذلك“، هذا ملخص ما صرح به أحد الصحفيين في أحد القنوات الفضائية التلفزيونية.

قد يكون الكثير من القراء يشاطرون الصحفي هذا الرأي . ولكن هذا الرأي من ناحية موضوعية ليس أكثر من إحساس شخصي للمتحدث وإن ازداد عدد مؤيديه . علميا للتعضيد لأي فكرة من الجيد الإتيان بأرقام موثوقة من جهات ذات مصداقية وموضوعية وسجل تاريخي من الأمانة العلمية أو يتكأ على عمل استبيان . فلغة الارقام والإحصائيات هي اللغة الأكثر قبول ومصداقية في الأوساط الموضعية. فعلى سبيل المثال لا بد من أخذ عينة موضوعية لشرائح تمثل كل طبقات المجتمع تمثيلا عادلا ومتناسبا لعقد استبيان يدحض أو يؤكد مزاعم الصحفي المشار إليه ؛ هذا كخطوة اختبارية . فلربما الاستبيان يكشف عن اهتمامات في القراءة بمواضيع عصرية وجديدة ومعيشية من قبل فئات عمرية متباينة وعزوف عن مواضيع مستهلكة أو عزوف عن المواضيع العلمية الغير ملموسة والانغماس في العناوين الأدبية الروائية الغربية.

قد يقول قائل : هل أفهم من كلامك ان السوشل ميديا أكلت الأخضر واليابس . وان تأليف الكتب فكرة بائسة وأكل عليها الزمن ؟.

حتما هذا ليس هو المقصود بل أن المقصود هو الحاجة الملحة لوجود لوحة مؤشرات موحدة تعرف المحتوى العلمي والأدبي الذي يساهم محتواه في رفع مستوى أفراد المجتمع الأخلاقي والمعرفي والثقافي والاقتصادي لنكون كمجتمع وأبناء وطن لنا أثر وبصمة جميلة على صفحات الزمن .

في المحصلة لدى كل منا قراءة للواقع بناء على مؤشرات أو ثيرموميترات متعددة وغير موحدة المعايير و لذا الآراء متباينة . البعض يرى بأن ازدياد عدد الرسائل التي يرسلها في السوشل ميديا هي دليل على ارتفاع سقف ثقافته أو مطالعته. والبعض الآخر يرى بأن الواتس اب ليس مضمار للمثاقفة الجادة والبعض يرى أن كل ما يدور حوله إنما هو للتسلية وقتل الوقت وما برامج الوسائط الاجتماعية إلا ديوانية افتراضية تمتص الوقت . وهناك من يرى بأنه إذا صدع بأسماء لامعه في سماء الرواية والفلسفة والمصنفات العلمية ، فإنه سيكون القطب في السجال الثقافي أو دليل ساطع وبرهان قاطع على غزارة المعرفة لديه !

والبعض ينتقد ليل نهار الجميع فقط وفقط ليقول نحن هنا.

غياب لوحة مؤشرات موحدة المعايير وغياب تعريف المؤشرات بين أبناء المجتمع الواحد تجعل الأغلب يغني على ليلاه .

فغياب الأهداف وقلة مشاركة أهل الخبرة وتغييب المعرفة الجادة لكثرة الضجيج وانعدام الدعم للجادين وغياب الاستراتيجية وإهمال الارشاد والتوجيه ولدت فجوات متسعة بين كل جيل وجيل من أبناء ذات المجتمع . بل هناك تشتت بين أبناء ذات الجيل الواحد.

فلا أعلم متى أرى لوحة المؤشرات الموحدة التي سيعتمدها الجميع ويقرأ منها الجميع .