آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 2:01 م

«كورونا» من جديد «3»

الدكتور إحسان علي بوحليقة * صحيفة الاقتصادية

في الأسبوع الماضي مر بي أمران يستحقان التعليق على عجل. الأول، في تجربة شخصية لأحد الأقارب، الذي أدخل لمستشفى حكومي لالتهاب في الصدر، وقد كان محل ارتياح الدقة في التشخيص والمعاينة، ولا سيما فيما يتعلق بالتاريخ الصحي البعيد - وهذا معتاد. وتمحيص تفصيلي عن أنشطة الشخص وأكله ومخالطته خلال الأيام القليلة الماضية. وبعد تدقيق وتمحيص وتحاليل مستفيضة يبدو أن الأمر اتضح لطاقم الأطباء في الطوارئ أن الحالة ليست عادية، وليست محل اشتباه. ودون كثير استطراد، وعلى الرغم من بساطة الخدمات ”الفندقية“، مقارنة بالمستشفيات الخاصة، إلا أن هناك اهتمام وعناية، سواء الطبية أو الغذائية. وهذا أمر مبشر ولا سيما أن قطاع الصحة يمر بمرحلة إعادة هيكلة لعلها لم تشهد مثيلا لها من قبل، إذ إنها ستؤدي لتغيير نموذج تقديم الخدمات الطبية، الذي دأبنا على اتباعه لعقود، والمؤمل أن يرفع ذلك التغيير مستوى الكفاءة في تقديم الخدمة والتصدي للتحديات بما في ذلك المخاطر الطبية كالأمراض السارية والسريعة الانتشار.

أما الأمر الثاني، فقد راجت ”مقالة“ مجهولة الكاتب مفادها أن كل ما يشهده العالم من مخاوف من تفشي فيروس كورونا ما هو إلا مؤامرة صينية محبوكة بذكاء - على حد قول المقالة - بهدف إخراج المستثمرين الأجانب من الصين للاستيلاء على أموالهم وشركاتهم ومصانعهم. وليس العجب فيما ذهبت إليه مقالة مجهولة الكاتب والمصدر، بل الرواج، الذي حازت عليه، فهي لن تصدر عن أي متابع «ولو من جنبها» لحرص الصين المستمر لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية، ولحرصها الدخول في شراكات مع عديد من الدول لترويج تطلعات الصين العالمية، إذ إن خروج المستثمرين من الصين خروجا قسريا، ولو تحت ضغط تفشي الأوبئة سيعني نهاية الصين وانكفاء المارد ونكوصه. ثم إن انتشار ”كورونا“ ليس متوقعا أن يدوم دهرا، فضلا عن الاستثمار الأجنبي يسعى سعيا للصين لما لديها من مغريات، كانت ولا تزال وستبقى، وهي تحتل المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة في استقطاب الاستثمار الأجنبي المباشر، وبما يتجاوز 200 مليار دولار سنويا لعام 2018. وليس في الإمكان تجاوز أن اقتصاد الصين ما زال في حالة صعود ليحتل المرتبة الأولى بلا منازع خلال عقد من الزمن بحلول 2030، فعلى الرغم من أن الفارق حاليا هو لمصلحة الاقتصاد الأمريكي بنحو سبعة تريليونات دولار، إلا أن الصين حاليا تحتل المرتبة الثانية بفارق عن اليابان يتجاوز ثمانية تريليونات.

كاتب ومستشار اقتصادي، رئيس مركز جواثا الاستشاري لتطوير الأعمال، عضو سابق في مجلس الشورى