آخر تحديث: 25 / 4 / 2024م - 5:22 م

العالم.. المجتمع

محمد أحمد التاروتي *

يتخذ البعض العلم واجهة لممارسة التخريب، في الوسط الاجتماعي، بحيث يعمد لبث الكثير من المعلومات الزائفة، لتحقيق أغراض خاصة، وأحيانا غايات ذات اهداف كبرى، من خلال استغلال الثقة الكبيرة، وغياب المعلومات عن شريحة واسعة او محدودة، من المجتمع، مما يدفعه لممارسة الدور التخريب، لحرف البيئة الاجتماعية نحو مسارات محددة، الامر الذي يتكشف في الكثير من المواقف، والمحطات المفصلية، التي يعايشها المجتمع، خلال مسيرته الحياتية.

العالم الساعي لتخريب البيئة الاجتماعية، ينطلق أحيانا من الإحساس بالغربة، وعدم الانتماء للمجتمع، مما يدفعه للانتقام بطرق مختلفة، نظرا لانعدام الشعور بالعاطفة الحقيقية، للكثير من الفئات الاجتماعية، بحيث تظهر على شكل اراء معاكسة تماما للغالبية الكبرى، وبالتالي فان وجود حالة من انفصام الشخصية، لهذه الشريحة تجاه الوسط الاجتماعي، يحرك تلك النفوس المريضة نحو الاضرار بالمجتمع، عبر استخدام العلم وسيلة لنخر البيئة الاجتماعية من الداخل، عبر استخدام الكثير من الأساليب ذات الأثر السلبي، على المسيرة الاجتماعية بشكل عام.

الموقف المتفرج للكثير من الشرائح الاجتماعية، وأحيانا التصفيق الحار من لدن شريحة اجتماعية، عناصر أساسية في مواصلة مشوار التضليل، والتخريب لهذه الشريحة، الساعية للتسلق بطريقة سريعة، وغير أخلاقية، فتارة تكشف الوجه البرئ للدفاع عن المجتمع، في العديد من الملفات الشائكة، وأحيانا تتخذ الصدمة وسيلة للعبور للوصول، الى اغراضها الخاصة، خصوصا وان المشهد الاجتماعي العام يشجع على الاستمرار، في خطة التخريب المرسومة، حيث يتجلى ذلك في استغلال بعض الاحداث، في اخراج الأهداف المكنونة، عبر مفردات تقرأ بين السطور.

وسائل التخريب لدى هذه الشريحة، تختلف تبعا للظرف السياسي، والمستجدات الاجتماعية، فتارة يكون عبر استخدام التقاليد الاجتماعية، للعبور الى العديد من الفئات بالمجتمع، وتارة أخرى تتخذ الانفتاح شعارا للتعبير عن المواقف الصادمة، وبالتالي فان شعار ”الغاية تبرر الوسيلة“، تكون الحاكم الفعلي في جميع التحركات التخريبية، نظرا لعدم وجود قواعد أخلاقية ثابتة، تعتمد عليها في رسم خارطة التضليل، في الوسط الاجتماعي.

استخدام العلم وسيلة للتخريب، يكشف مستوى الانحطاط الأخلاقي، لاسيما وان استغلال الثقة الكبرى، في سبيل غرس بعض الأفكار المشبوهة، يقود لحالة من الضياع، وعدم الاستقرار الثقافي، في البيئة الاجتماعية، خصوصا وان بث المعرفة يتطلب الصدق، وعدم التحرك باتجاهات متعددة، تبعا للمصالح الخاصة، فالمجتمع ينظر الى العالم كونه مرشد، وبوصلة للعبور الى الجادة الصائبة، الامر الذي يستدعي الاستفادة من الثقة الكبرى، بما يعود على البيئة الاجتماعية بالفائدة، وتكريس المعرفة النافعة، بدلا من بث العلوم الضارة ذات الأثر السلبي، على مختلف الشرائح الاجتماعية.

الغرور العلمي يشكل معضلة كبرى، في الاستغلال السيئ، فالغرور يدفع باتجاهات غير معروفة، مما يعود على صاحبه بالضرر الكبير، بحيث يدفعه لاتخاذ مسارات خطير، ة تقود الى الخراب على الصعيد الذاتي، والاجتماعي في الوقت نفسه، خصوصا وان الغرور يغلق الاذان امام مختلف الآراء الصائبة، انطلاقا من القناعة الذاتية بعدم الاستعانة بالاخرين، والاستفادة من العقول الأخرى، الامر الذي يوقع صاحبه في المشاكل، والسقوط الكبير، بمعنى اخر، فان التخريب الاجتماعي مرتبط أحيانا بالنوازع الغرورية، لدى بعض العلماء، حيث ينظرون الى الاخرين بازدراء، وعدم الاهتمام، مما يمثل بداية الانحراف عن الطريق السليم.

نجاح عملية التخريب مرتبطة بمدى الاستجابة الاجتماعية، فهناك شرائح لا تنطلي عليها مثل هذه العمليات، او تهضم المعلومات المغلوطة، التي يمرر بعض حملة العلم، مما يحول دون الاختراق الواسع للوسط الاجتماعي، وبالتالي إبقاء تلك المعلومات ضمن النطاق الضيق، وفشل المساعي الهادفة للسيطرة على الرأي العام الاجتماعي، فيما تفتقر بعض المجتمعات للقدرة، على كشف ”الغث من السمين“، مما يجعلها فريسة سهلة لحملة العلم ”التخريبي“، الامر الذي يمثل البداية للدخول بقوة، في تحويل الرأي العام باتجاهات محددة، مما يشكل منعطفا خطيرا على المدى البعيد، جراء انعدام القدرة على الاختيار الصائب، لدى العديد من الشرائح الاجتماعية.

كاتب صحفي