آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 5:37 م

«كورونا» من جديد «4»

الدكتور إحسان علي بوحليقة * صحيفة الاقتصادية

وبعد أن استهلكت الصحافة ”المشمشية“ عبر تغريداتها قصص أن ”كورونا“ ليس إلا فيروسا أوجد من قبل الصين بهدف إخراج المستثمرين الأجانب للاستيلاء على أموالهم وشركاتهم ومصانعهم. بعد ذلك ركبت ذات الصحافة موجة ابتداع علاج للفيروس القاتل، بخلط أعشاب تارة وبشرب نقوع ”المرة“ تارة أخرى، في حين أن ألطف ما مر بي كان وصفة بدائية، لكن فيما يبدو فعالة في الحد من انتشار المرض. تقول الوصفة: ”امضغ ثلاث حبات من الثوم، معها كأس منقوع الحلبة. هذا لن يساعدك في شيء لكنه سيبعد عنك الناس مسافة كافية تمنع العدوى بإذن الله“. ولست ممن ينكر فوائد الثوم وعديد من الأعشاب، والجهود المهمة للطب البديل، لكن لا بد من أن يخضع أي بروتوكول علاجي لتمحيص وإجازة من قبل جهة مشرفة تمتلك الصلاحية، وإلا فستكون فوضى. حاليا، هناك فوضى في النصائح والاقتراحات من قبل غير المتخصصين. حتى لو كان متخصصا فلا بد من إجازة العلاج من قبل سلطة طبية مشرفة. وهنا لعل من الملائم أن تنشر الجهات الرسمية بيانا تذكر أن الإيهام لعلاج ”كورونا“ أو الترويج لوصفات وقائية دون ترخيص سيجعل الشخص عرضة للعقاب، ولإضفاء صرامة على البيان سيكون ملائما تتبع المروجين وإيقاع مخالفة لمن يثبت تورطه. ما العائد من هذه الصرامة؟ أن يأخذ الناس الأمر على محمل الجد ويتبعون الأساليب العلمية المثبتة للوقاية وللعلاج بإذن الله.

ومن باب اتباع الأساليب العلمية إطلاق وزارة الصحة المركز الوطني لإدارة الأزمات والكوارث الصحية، الذي يعمل على مدار الساعة، ويرتبط ب20 فرعا على مستوى المملكة تتبعها المستشفيات والمنشآت الصحية، ليستقبل البلاغات المتعلقة بالأوبئة مثل، الأمراض الوبائية أو التسمم الغذائي. ومن ضمن مهام المركز اتخاذ إجراءات الإنذار المبكر تحسبا للمخاطر الصحية، وآخذا في الحسبان أن النظافة الشخصية أساسية للحد من انتقال الفيروس، فمهم أن تقوم وزارة الشؤون البلدية والقروية بجهد وطني لتوعية العاملين في المطاعم والمقاهي والبقالات وفحصهم والتفتيش المستمر عليهم. وعلينا ألا ننسى أن عدد وجبات الطلبات الخارجية في السعودية يتجاوز 200 ألف يوميا، هذا عدا الوجبات التي يتم تناولها في المحل. المطلوب منظومة موازية من البلديات لتشديد المراقبة على منافذ بيع الأطعمة والأشربة للكشف عن الاشتباه في حالات ”كورونا“، تتكامل مع المركز الوطني لإدارة الأزمات والكوارث الصحية.

كاتب ومستشار اقتصادي، رئيس مركز جواثا الاستشاري لتطوير الأعمال، عضو سابق في مجلس الشورى