آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 10:30 م

الفيل أكبر من البقرة

الدكتور نادر الخاطر *

المجالس الدينية تأخذ الحجم الأكبر في تربية الفرد ونمو الأفكار، فينبغي على بعض الخطباء ورجال الدين حرث مزرعة الساحة الدينية وتعدينها بسماد صالح في نمو البذور الجديدة وتشجيع المجتمع في الحضور للمجلس، افتح المقال بقصة من كتاب أخبار المغفلين للكاتب «الشيخ جمال الدين أبو الفرج»، يصرح المؤلف للكتاب " صلى أعرابي خلف إمام صلاة الغداة، فقرأ الإمام سورة البقرة، وكان الأعرابي مستعجلاً ففاته مقصودة، فلما كان من الغد بكر إلى المسجد فابتدأ الإمام بسورة الفيل فقطع الأعرابي الصلاة وولى هاربا وهو يقول: أمس قرأت البقرة فلم تفرغ إلى نصف النهار، واليوم تقرأ الفيل ما أظنك تفرغ منها إلى نصف الليل.

بعض من الخطباء يشعل المجلس بفتيل التهويل من عذاب القبر والنار وينصرم وقت المجلس في التهويل والتخويف، ويتجاهل الجمال في الدنيا والأخرة ولطف الله على عباده، حيث يخاطب الله المسرفين بأجمل العبارات الجميلة فلم يخاطبهم بعبارات قاسية بل وصفهم بعباده حتى لو كانوا في حالة إسراف ويخبرهم بكلمات تشجيع والتّفاؤل، في قوله تعالى‏: ‏ ‏﴿‏‏قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا «الزمر 54».

منهجية الخطباء ينبغي أن توازن المجلس بين التخويف والعذاب ونعيم الجنة والدنيا فلا ينبغي اتجاه الخطاب الى التخويف والعذاب، كذلك موازنة الوقت بعدم تكريس وقت طويل في المجلس، حيث الوقت من أحد الأمور الجوهرية في تشجيع الفرد لحضور المجلس، حيث الدراسات العلمية فريق من الباحثين في جامعة واشنطن بأن مدة الانتباه تتفاوت بين شخص وأخر ما بين 10 دقائق الى 40 دقيقة، بعد 40 دقيقة الشخص يتشتت ويفصل تركيزه، فينبغي تغيير المادة المطروحة.

ثقافة تشجيع الفرد في حضور المجالس الدينية وضع وقت ليس بالطويل للمحاضرة، إبراز الملاطفات الاجتماعية والتاريخية للمجلس وكذلك إظهار لطف الله على عباده من الرحمة والبهجة والحياة السعيدة في الدنيا والآخرة.