آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 2:44 م

«كورونا» الأثر الاقتصادي

الدكتور إحسان علي بوحليقة * صحيفة الاقتصادية

أمر فيروس كورونا جاد لا شك، ولا شك كذلك بأن الحافظ الله سبحانه، وأن علينا الأخذ بالأسباب، ولا شك في أن هناك من يثير الهلع وأن للصحافة غير المسؤولة يدا طولى في خلط الحقائق بالمقولات القائمة على غير أساس. وهذا ينطبق على الجوانب الطبية ذات الصلة بالأوبئة والأمراض المعدية، وكذلك بالجوانب الاقتصادية وتأثير ”كورونا“ في الاقتصاد العالمي واقتصادات الدول والأنشطة الاقتصادية على تنوعها من تجارة وصناعة وزراعة وخدمات. وما جعل التأثير الاقتصادي جوهريا، أن الوباء انطلق من الصين، ذات الوزن التجاري الوازن، ووصول بضائع مصانعها لكل أنحاء المعمورة دونما استثناء، للدول الفقيرة والغنية. القريبة منها والبعيدة عنها.

ولا يمكن لأحد أن ينسى أن حربا تجارية طاحنة تملكت العالم على مدى عامين، سببها أن الصين ”تفترس“ السوق المحلية الأمريكية افتراسا، وأن العجز التجاري الأمريكي أمام الصين بلغ مبلغا لا يمكن السكوت عنه تجاوز 345 مليار دولار في عام 2019، متراجعا من 419 مليار دولار في عام 2018 بسبب رسوم جمركية هائلة فرضها الرئيس ترمب. لكن انظر للبنود الرئيسة لما تستورده الولايات المتحدة من الصين، كمبيوترات، إلكترونيات، ومعدات صناعية، والأمر لا يختلف كثيرا عن بقية الدول الغنية، وكذلك فإن الصين تستورد من كل دول الدنيا، بما فيها المملكة، ولا سيما المواد الخام كالنفط. وهكذا فعندما تبتلى الصين ب ”وباء كورونا“، ويتراجع إنتاجها نتيجة للتغيبات ولإغلاق المصانع جزئيا أو كليا، فإن وتيرة تصديرها للسلع تقل، وتؤثر في مدخلات الإنتاج والاستهلاك في الدول الأخرى. وأقرب الأمثلة هو، كيف ارتبكت وتيرة تصنيع شركة أبل مصنعة جهاز ”آيفون“؟، وتأثرت سلاسل الإمداد لزبائنها، ولست منهم. فالشركة لن تتمكن من تحقيق مستهدفات الأداء المالي للربع الثاني من عام 2020، جميع مخازنها ال42 في الصين مغلقة، حيث تمثل الصين نحو 15 في المائة من مبيعات ”أبل“، كما أن المصانع التي تعتمد عليها ”أبل“ في تصنيع أجهزتها مقرها في الصين وهي مغلقة، وتعاود العمل تدريجيا. فندق هلتون، أغلق 150 فندقا يحوي 33 ألف غرفة. والقائمة تطول، النقطة، إن إصابة الصين ب ”كورونا“ انتقلت للعالم ليس فقط بالمعنى الطبي للكلمة، بل كذلك بالمعنى الاقتصادي، بسبب تراجع عجلة الإنتاج والاستهلاك في الصين. وبسبب ذلك التراجع سيعاني العالم. لكن العكس ليس صحيحا، بمعنى، إن تعافي الصين من ”كورونا“ سيعني تعافي بقية دول العالم منه. هنا، يفترق الشق الاقتصادي ويخضع بالضرورة لكيفية سيطرة كل دولة على انتشار الوباء في أراضيها.

كاتب ومستشار اقتصادي، رئيس مركز جواثا الاستشاري لتطوير الأعمال، عضو سابق في مجلس الشورى