آخر تحديث: 16 / 4 / 2024م - 4:10 م

كورونا.. التحدي

محمد أحمد التاروتي *

المواقف الصعبة تفرض ابتكار الاليات الجديدة، للتغلب على الظروف القاهرة، الامر الذي يتمثل في العديد من الأساليب الحديثة، بهدف وضع تلك التحديات ضمن السياقات الطبيعية، مما يحفز على التحرك الجاد بعيدا عن عوامل الاحباطات، خصوصا وان المرء بما يمتلك من قدرات هائلة، قادر على الوقوف امام مختلف أنواع الصعاب، ”اتحسب انك جرم صغير وفيك انطوى العالم الأكبر“.

الموقف الصعب الذي فرضه فيروس كورونا على الجميع، يمثل احدى التحديات الحياتية التي يواجهها المرء طوال مراحل عمره، مما يستدعي انتهاج الاليات المناسبة للصمود، وتحقيق الانتصار على مختلف الظروف القاهرة، لاسيما وان التحدي الحقيقي يكشف المعادن من خلال تحويل التحديات، الى منصة للانطلاق باتجاه صناعة المستقبل، والعمل على وضع الأمور في المسار الصحيح، خصوصا وان البعض يتحرك بطريقة انهزامية وأحيانا بأسلوب غير مسؤول، مما يضعه فريسة سهلة في طريق التحدي الراهن، وبالتالي فان المرحلة الحالية تتطلب الوعي الكامل، بضرورة التعامل بإيجابية كبيرة مع تحدي كورونا، من اجل الخروج بتصورات اكثر واقعية، بعيدا عن حالات الإحباط، التي يتحرك البعض على وضعها في الطريق.

القدرة على التماسك في الأوقات الصعبة، صفة ليست متوافرة لدى الجميع، فهناك فئات تنهار بشكل كامل مع بروز الازمات، سواء كانت صغيرة او كبيرة، مما يجعلها غير قادرة على تحمل التحدي، والفشل في العمل على وضع الخطط المناسبة، للتعامل مع تلك التحديات بشكل احترافي، وطريقة عملية، بينما تمتلك بعض الفئات مزايا وقدرات كبرى، للتعاطي مع مختلف التحديات، بحيث تظهر على طريقة التفكير وأسلوب العمل، مما يجعلها اكثر قدرة على الخروج من التحديات، باقل الخسائر وفي الغالب بانتصار كبير، نظرا لامتلاكها صفة التماسك القوي، وعدم الانهيار امام الصعاب على اختلافها، حيث تطوع تلك التحديات بطريقة مثالية.

طريقة التعامل مع تحدي كورونا، تتفاوت باختلاف طريقة التفكير، سواء على الصعيد الشخصي، او الاجتماعي، مما يفرض توحيد الرؤية للعمل وفق هدف مشترك، خصوصا وان كورونا يلعب دورا كبيرا، في تمزيق التفكير الجمعي، نظرا للهواجس النفسية التي يتركها لدى الجميع، خصوصا مع تزايد حالات الوفيات على المستوى العالمي، مما يرفع من حالة التخوف والهلع، جراء انتشار فيروس كورونا، وبالتالي فان الهدوء في التعامل مع التحدي الحالي، يسهم في ترك اثار إيجابية، مما ينعكس على طريقة التفكير، وأسلوب التعاطي مع الحدث، بشكل مختلف تماما، الامر الذي يعود على البيئة الاجتماعية، بالفائدة على المدى البعيد.

وجود قنوات إيجابية في البيئة الاجتماعية، للتعامل مع تحدي كورونا يساعد في تهدئة النفوس، وادخال الطمأنينة، وعدم اثارة الخوف، جراء الاخبار المتواترة التي تتناقلها وسائل الاعلام المختلفة، وبالاخص وسائل التواصل الاجتماعي، التي تمثل بؤرة لنشر الشائعات بطريقة واسعة، وبالتالي فان توفير قنوات قادرة الى امتصاص درات الفعل السلبية، يعطي البيئة الاجتماعية زخما كبيرا لاستيعاب المرحلة، والاستفادة منها بطريقة مختلفة تماما، الامر الذي يساعد في وضع الكثير من الخيارات، لتقليل الخسائر المادية والمعنوية.

إمكانية التحرك بطريقة إيجابية مرتبطة بالاليات المتخذة، فاذا كانت ذات طبيعة ارتجالية، وعشوائية، فانها سرعان ما تتحول الى معضلة حقيقية، نظرا لعدم قدرتها على معالجة الوضع بشكل حقيقي، فيما ستكون الأمور اكثر وضوحا، بمجرد التعامل بطريقة احترافية وعقلانية، خصوصا وان التفكير المتأني يفضي للوصول الى المعالجات الحقيقية، وبالتالي فان عملية التغلب على تحدي كورونا مرهونة بالأسلوب المتبع، والقدرة على إدارة الأوضاع بحكمة كبرى، لاسيما وان حالة الانفعال تعطل التفكير السليم، وتفضي الى حلول ذات اثر سريع، مما يسمح بخسارة المعركة مع تحدي كورونا في نهاية المطاف.

الخروج من الازمات اكثر قوة امر مطلوب، باعتباره الخيار الاجدى والأكثر فائدة، من انتهاج طريق الاستسلام والانهزام امام التحدي، فالمجتمع القادر على العمل في الظروف الصعبة، يصعب هزيمته ”الشجرة البرية اصلب عودا“.

كاتب صحفي