آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 11:37 ص

الحركة الفكرية والثقافية في المنطقة الشرقية

أمير بوخمسين

في دراسة بعنوان «الحركة الفكرية والثقافية في المنطقة الشرقية» قدمّها الدكتور محمد رضا الشخص، حيث تقتصر الدراسة على المنطقة الشرقية وهي أكبر مناطق السعودية مساحة على الإطلاق، إذ تشكل ثلث المساحة العامة، وهي المنطقة التي تضم صحراء الربع الخالي أكبر صحاري السعودية، والمنطقة الشرقية ثالث المناطق من حيث عدد السكان بعد مكة المكرمة والرياض، بحسب تقديرات وزارة التخطيط.

ولعل موقع المنطقة الجغرافي على امتداد الشاطئ الغربي للخليج العربي سهّل أهلها الاتصال بالأمم والشعوب الأخرى، فتمازجت معها، وأدى ذلك إلى تلاقح الثقافات بينها وتلك الشعوب، فقد كانوا يقطعون البحار، ويجوبون الآفاق، وكانت المنطقة موفدًا لتلك الأمم على اختلاف أجناسها، وكان لذلك الأثر الكبير في نشاط الحركة الثقافية والفكرية والعلمية في هذه المنطقة من الجزيرة العربية.

ومع اكتشاف البترول في أراضي هذه المنطقة في عام 1933 في العهد السعودي، أدى ذلك إلى تحول كبير في الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وأصبحت المنطقة ملتقى للعديد من الفئات الذين جاءوا من مختلف مناطق السعودية أو من المقيمين الذين قدموا من أنحاء شتى من الوطن العربي وكلهم أسهموا بدور كبير في إنعاش الحركة الثقافية والاقتصادية والعمرانية، كما ساهم اكتشاف البترول في إحداث تغيير كبير بالنسبة لأهالي المنطقة، فقد انتشرت المدارس، والمطابع، وتأسست المكتبات العامة والخاصة، وظهرت الصحف، ودور النشر في المنطقة، وظهر على الساحة الأدبية والفكرية المنتديات الثقافية والأندية الأدبية، وجمعيات الثقافة والفنون التي انتشرت فروعها في أنحاء السعودية، وصار الأدباء والمثقفون يرتادون هذه الأماكن التي وفرت لهم الجو الأدبي والثقافي، ونظمت لهم الأنشطة والفعاليات، وهيأت لهم سبل المشاركة والعطاء، كما احتضنت إنتاجهم، وطبعت كل مؤلفاتهم، وعرفت الناس بهم، المؤلف استعرض كل الأنشطة الفكرية والثقافية الرسمية والشعبية في المنطقة الشرقية في مختلف مدنها ومحافظاتها وقراها بدون تحفظ على أي طرف تجاوز فيها كل القضايا الفئوية والمذهبية والمناطقية.

لذلك اتسمّت الدراسة بالموضوعية والعقلانية، وتعتبر كمرجع أكاديمي تتيح لأي باحث أو كاتب صاحب دراسة يريد أن يكتب عن الحراك الثقافي والفكري في المنطقة الشرقية، أن يعتمد عليها لما تميزّت به من تصنيف وفهرسة منهجية استعرض فيها تاريخ الحركة الفكرية والثقافية في المنطقة الشرقية - المدارس الأهلية في المنطقة قبل التعليم الرسمي وأثرها على الحركة العلمية - بداية ظهور المدارس النظامية - الحركة الفكرية والثقافية في المنطقة في العهد السعودي - مرحلة ما قبل اكتشاف الزيت - مكتبات بعض الأسر في المنطقة «مكتبة آل مبارك - آل عبد القادر - آل خنيزي وغيرها لبعض الأسر» - الحركة الفكرية والثقافية بعد اكتشاف الزيت - المجلات والصحف في المنطقة الشرقية - الأندية الأدبية - جمعيات الثقافة والفنون - المكتبات العامة المرخّصة من قبل الدولة - المكتبات الخاصة - الملتقيات الثقافية والمنتديات الأسبوعية في المنطقة - حركة التأليف والنشر في المنطقة الشرقية - أبرز العلماء والأدباء والشعراء في المنطقة.

إذ أوضحت الدراسة الأثر الفكري والثقافي الكبير الذي ساهمت فيه أكثر من خمسين مكتبة وعشرين جريدة ومجلة كانت تصدر في المنطقة الشرقية موّزعة على الأحساء والدمام والخبر والظهران والقطيف، إضافة إلى جمعية الثقافة والفنون بالأحساء والدمام حيث تعاضدت المنتديات والملتقيات الأسبوعية الثقافية التي انتشرت في كل من الأحساء والدمام والقطيف.

تعتبر الدراسة مفتاحًا للباحثين في فكر هذه المنطقة المتنوعة بأطيافها ومذاهبها ومرجعًا موضوعيًا يستفيد منها الباحثون مهما تفرعت علومهم واهتماماتهم.