آخر تحديث: 24 / 4 / 2024م - 11:56 م

كورونا.. الشفافية

محمد أحمد التاروتي *

اتسم التعامل مع فيروس كورونا، بالكثير من الشفافية والوضوح، بهدف وضع الجميع في الصورة الكاملة، خصوصا وان الغموض وإخفاء المعلومات الدقيقة، يسهم في مفاقمة الأمور بشكل فظيع وغير محتمل، مما فرض على الجميع التحرك بشكل واضح عبر وضع النقاط على الحروف، بعيدا عن التهويل او الاستهتار، فالتهويل يترك اثارا ليست خافية على الجميع، عبر زرع ”فوبيا“ لدى الناس، بينما الاستهتار لا يقل خطورة على التهويل، في معالجة الامر بطريقة عقلانية، لاسيما وان اتخاذ الإجراءات الاحترازية، يمثل الخيار المناسب في جميع الأحوال، ”خير الأمور اوسطها“.

الشفافية عملية ضرورية لدفع الجميع، لاتخاذ الخطوات اللازمة والمناسبة، لاسيما وان التحرك الأحادي ليس قادرا على احداث اثرا كبيرا، وفقا للخطة المرسومة من لدن الجهات ذات العلاقة، فيما العمل الجماعي يسهم في معالجة الأوضاع، بطريقة احترافية خلال فترة زمنية محددة، خصوصا وان التحرك المنسجم مع الخطط العلاجية، يتطلب رسم خريطة واضحة، عبر اشراك الجميع، وعدم استبعاد كافة الأطراف، ف ”اليد الواحدة لا تصفق“، بمعنى اخر، فان الشفافية قادرة على رص الصفوف، والعمل بطريقة جماعية، نظرا لادراك المجتمع بالخطورة المترتبة على التحرك الأحادي، سواء على الصعيد الفردي او الجمعي.

توفير البيانات الدقيقة على الرأي العام، يعطي ارتياحا إيجابيا في الوسط الاجتماعي، خصوصا وان الجميع بات مطلعا على اخر التفاصيل، مما يسهم في اتخاذ الخطوات اللازمة، بعيدا عن القرارات الارتجالية وغير المدروسة، بحيث تقود الى المعالجات ذات الأثر الكبير، على الصعيد الفردي والاجتماعي في الوقت نفسه، لاسيما التعامل المسؤول لا يقتصر على أصحاب القرار، وانما يشمل كل عنصر قادر على احداث تغييرات حقيقية، من اجل تسريع الحلول العملية للمساهمة في الانسجام، مع القرارات المختلفة، فالبيانات الواضحة عنصر فاعل في تحميل الجميع المسؤولية تجاه الازمة القائمة، مما يدفع للتحرك بطريقة فعالة وفقا للهدف المشترك المرسوم، من لدن الجهات الرسمية.

الدول التي تعاملت بطريقة واضحة، مع فيروس كورونا مند اليوم الأول، استطاعت وضع الخطط المناسبة، وكذلك توحيد الجهود لتطويق اتساع دائرته في المجتمع، وبالتالي فان الشفافية تمثل الخيار الأفضل في جميع الأوقات، لاسيما وان الغموض يقود الى ردود أفعال غير محسوبة النتائج، نظرا لاختلاف المعالجات والتخبط الكبير في أسلوب التعامل، مع تداعيات تفشي فيروس كورونا، فالجميع اكتشف الاثار الناجمة عن أسلوب التعاطي مع حائجة كورونا بطريقة سلبية، حيث ساهم إخفاء الحقائق على الناس في انتشار بشكل كبير، مما أدى لسقوط ضحايا كثر في غضون فترة قصيرة، مما يستدعي انتهاج الطريقة المباشرة في توفير المعلومات، عوضا من اتباع أسلوب الغموض وإخفاء الحقائق.

الحكومات التي وضعت الناس في الصورة منذ اللحظات الأولى، حصدت النتائج الإيجابية خلال فترة وجيزة، فيما الدول التي تعاملت بطريقة ملتوية او غير واقعية، ما تزال تواجه صعوبات كبيرة في السيطرة على الوضع، جراء فشلها في احتواء اتساع دائرة فيروس، نتيجة محدودة الطاقة الاستيعابية للمنظومة الصحية، الامر الذي يتمثل في الارتفاع المتواصل في عدد الوفيات، فضلا عن زيادة عدد الإصابات بشكل يومي، مما ساهم في ارتفاع التكلفة الاجمالية، للاثار الاجتماعية، والاقتصادية، والسياسية، وغيرها من التداعيات الأخرى.

طريقة استقبال فيروس كورونا، تكشف مستوى الوعي لدى الأطراف الفاعلة، في إدارة الازمة، فاذا كانت تتسم بكشف الحقائق امام الرأي العام، فانها تعطي صورة واضحة لنوعية الوعي، الذي يحرك تلك الأطراف في التعامل مع الازمة، بينما التعامل بالغموض، وإخفاء المعلومات يعكس نوعية الثقافة المحركة تلك الأطراف، بفعل حالة الاضطراب، وعدم القدرة على التعامل باحترافية، نتيجة الصدمة الكبيرة الناجمة عن اكتشاف الفيروس في البيئة الاجتماعية، وبالتالي فان الاختلاف يتمحور في الاليات المتخذة في التعامل مع كورونا، الامر الذي يستدعي انتهاج الشفافية سبيلا وحيدا في جميع الازمات، لاسيما بالنسبة للقضايا ذات العلاقة المباشرة، مع المجتمع والصحة العامة.

كاتب صحفي