آخر تحديث: 16 / 4 / 2024م - 4:10 م

ليلة الناصفة هذا العام ليلة قياسية!

محمد علوي الشعلة

طفلةٌ يخجل منها ضوءُ القمر، وتستحي منها أشعة الشمس، تحلت بالحُلل في ليلة النصف من شعبان حتى أصبحت كالأميرة بفُستانها الشعبي، ودعت الأم طفلتها ذات الأربعة أعوام بقبلةٍ حانية وحُضنٍ دافئ.

وبينما هي تتنقل من بيتٍ إلى بيت كالفراشة بين الزهور، إذ غابت ابتسامتها فجأة وهي تنظر إلى دراجة نارية قادمة نحوها يقودها أحد المراهقين بسرعةٍ خيالية غيرَ مُبالي بالأطفال والنساء! اصطدم بها وأرداها بدمائها على الأرض!!

يا ترى ما حال أُمها وهي تتلقى خبرٌ كهذا من تصرفٍ أرعن؟

هذه الحادثة حصلت قبل سنوات في منطقتنا وليست هي الأولى،

بحت أصوات العلماء من على المنابر، وجفت أقلام الكُتاب وهم ينصحون الشباب والشابات من التصرفات الغير لائقة في ليلة النصف من شعبان ورمضان،

دراجات نارية تجوب الشوارع بأصواتها المخيفة!،

ألعاب نارية بأصواتها المزعجة التي تُرعب قلوب الأبرياء!

خروج بعض النساء بزينتهن واختلاطهن بالرجال، فلا يُمكن لعاقل أن يُنكر ما يحصل في ليلة النصف من تصرفات تُشوه صورة مجتمعنا المحافظ!

بوجهة نظري القاصرة أرى أن ليلة البارحة كانت ليلةً قياسية ومميزة، رغم الألم الذي خالج قلوبنا ونحن نرى بيوتُ الله والمآتم مغلقة، لم نتعود أن نرى الأطفال في مثلِ هذه الليلة جُلساء الدار ولكن..

أرى أن هناك بعضَ الإيجابيات جديرةٌ أن نذكُرها وأن نُسلط الضوء عليها،،

أولها غياب الظواهر السلبية التي نراها في كلِ عام، عشنا ليلةَ البارحة فرحاً من دونِ خوف على أبناءنا.

ومن أهمِ الأمور التي التمسناها من خلال برامج التواصل الاجتماعي مشاركة أغلب أفراد العائلة في إحياء الحفل، صغاراً وكباراً

نرى ذلك الطفل الصغير يقرأ الموشحات الولائية، وذاك يقرأ المولد، وذاك يُلقي أبياتاً شعرية في مدحهم ..

حتى نرى بعضَ الأمهات والآباء شاركوا إما في إلقاءِ كلمة أو مسابقات أو غيرها

مما لا شك فيه أن هذا له الأثر الإيجابي ينعكسُ على كلِ فرد فهو أولاً نوعٌ من الارتباط العائلي، وبالخصوص له أثرٌ كبير على الأبناء، بأنه الآن أصبحَ مشاركاً وليس فقط مُستمع!

حتى وإن كان طفلاً صغيراً لا يتجاوز العاشرة من عمره، فسيتذكر لاحقاً أنه شارك في إحياء المناسبة، هذا أمر..

ومن ضمنها أيضاً ولأول مرة نرى إنفاقُ الأموال في مثل هذه الليلة يصبُ لصالح الفقراء والمحتاجين، حيث أن الكثير تبرع بما يجود للجمعيات الخيرية واللجان الأهلية، وهذه ثمرة نتمنى أن تدوم في المناسبات المقبلة،،

أيضاً من ضمن الأمور المُلاحظة نرى الكثير من العوائل أحيا هذه الليلة بالعبادة والمناجاة والتقرب إلى الله سبحانه وتعالى، وهذا هو الهدفُ الأسمى في هذه الليلة، فكما أن ليلة النصف من شعبان ليلةُ فرحٍ وسرور وسعادة هي في نفس الوقت ليلةُ عظيمة، تشابه في فضلها ليلةَ القدر فهنيئاً لمن أحيا تلك الليلة بالعبادة..

مُشكلتنا أحبتي وأقولها بصراحة أن البعض منا يعبُد الله كما يُريد هو! لا كما يريدُ الله سبحانه وتعالى،

الأجواء العامة في نشر البهجة والسعادة مطلوبة، بأن تكون شوارعنا ومنازلنا مختلفة عن بقيةِ الليالي وهي تراثٌ تعودنا أن نُحييه في كُلِ عام، وله ثمرةٌ مطبوعةٌ في نفوسنا وله وقعٌ في قلوب أطفالنا، نرى الأطفال ينتظرون هذه المناسبة عاماً بعد عام بفارغِ الصبر، لكن لنحيي هذه المناسبة كما ينبغي إحياءُها، وأن نضع الله سبحانه وتعالى وأهلُ البيت نصب أعيُننا.

نسأل الله سبحانه وتعالى بصاحب الأمر والزمان وآباءه الطيبين الطاهرين أن يكشفَ هذه الغمة عن هذه الأمة في القريبِ العاجل، ويعدينا عليه ونحن بأحسن حال.