آخر تحديث: 18 / 4 / 2024م - 1:06 ص

الرجال يلبسون المرايل!

تعلم كثيرٌ من الرجال مهارات جديدة كان القليل منهم يتقنها قبل هذه الأزمة. اختفت النساءُ تقريبا من الأسواق فلا تكاد ترى سوى الرجال هم من يتبضعون بمفردهم دون زوجاتهم. كم بودي أن أَستفتيهم في كميةِ المتعة التي كانوا قد تركوها للنساء، لكن أكثر بضاعتهم الآن هي حاجيات ولوازم المنزل، وليس أساور الذهب والفضة وحقائب الجلد! ربما في أولِ جولة تبضع لهم بعد الأزمة يشترونها ويكتشفونَ متعةَ التسوق!

أكاد أجزم إذا ما طالت الأزمة سوف يتعلم الرجال كل المهارات فيحق للنساء حينئذٍ أن يفرحن برؤية أزواجهن يرتدون مرايل الطبخ، ويمسكون عصا المكانس ويتعلمون كيف تدور آلة غسل الملابس، والعناية بالأطفال وغسل الأطباق وأن يتقنوا كل هذه المهارات العملية قبل حلول شهر رمضان المبارك.

هي فعلا أزمةٌ غيرت كثيراً من متطلبات الحياة وأدوارها. فهل بعد عبورها وانتهاء فترة الحظر يدرك الرجال أن عملَ المرأة بدوامٍ كامل في الوظيفة والقيام بواجباتِ المنزل ورعاية الصغار ومتطلبات الحياة الزوجية والاجتماعية ليست بالمهمة السهلة التي يعتبرها كثيرٌ من الرجال رفاهية بينما هي حاجة اجتماعية واقتصادية وذاتية، وفيها تحملت ”كثيرٌ من النساء“ دوراً ”أكبر من كثيرٍ من الرجال“؟ وهل تدرك النساء أن الرجال ليسوا آلات صنعت لتعمل وتكد دون أن تحصل على السكونِ والراحة؟

ولعل هذه الفترة تكون بمثابة نموذج مصغر مما تكون حياة الأزواج بعد انتهاء سنين العمل واكتشاف مستقبل العلاقة الزوجية في ظل تواجد الزوجين معا في البيت لمدة طويلة، والمهام التي تَنتظرهم. ما إذا كانوا يستطيعون الاحتفاظَ بصحتهم الجسدية والعقلية والابتعاد عن افتعال أزماتٍ منزلية بسبب الشعور بطاقة الفراغ السلبية ودعم بعضهم البعض دون أن ينقلب الرجلُ امرأةً وتنقلب المرأةُ رجلا!

علاقة الرجال والنساء تختمر في الزمن فإما أن تتحول مع السنين ماءً زلالا صافيا عذبا يشربون منه أو ملحاً أجاجا شديد الملوحة والمرارة يموتون عطشا دون أن يقربوه! وفي كل الأزمان تبقى مهارة صناعة المودة هي أسُّ العلاقاتِ الزوجية ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ?. فالغاية المبتغاة هي السكينةُ الروحية والهدوء النفسي بين الزوجين خاصة، وبين جميع الناس عامة.

هذا السكن أو الإطمئنان ينشأ من أن الرجل والمرأة يكمل بعضهما بعضاً، وكل منهما أساس الهمة العالية والحماس لصاحبه، بدون ذلك يعد كل منهما ناقصاً، فاقداً جاذبيته نحو شريكه في الحياة. استقرارٌ أصبح يشبه استقرار السفينة الشراعية وسط بحارِ الأزمات، فهل تكون هذه أحدى العواصف التي تأخذه نحو المرسى؟

مستشار أعلى هندسة بترول