آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 2:48 ص

كورونا.. الانتصار

محمد أحمد التاروتي *

يكافح المجتمع الدولي بكل امكانياته ومقدراته، ويسخر جميع طاقاته للانتصارعلى الفيروس القاتل، نظرا لخطورته على البشرية جمعاء، فهو - الفيروس - لم يكتف بحصد الأرواح في مختلف دول العالم، وانما اجبر الجميع على الركون في المنازل، على مدار الساعة، فضلا عن تعطيل الحركة الاقتصادية، وإصابة النشاط التجاري في العالم بحالة من الشلل، نتيجة الإجراءات الاحترازية المتخذة في المجتمع الدولي، للتغلب على العدو المشترك، والقاتل غير المرئي.

ينتظر الجميع اعلان البشرية لحظة ”الانتصار“، على الفيروس بفارغ الصبر، باعتبارها لحظة تاريخية يصعب نسيانها من جانب، ومن جانب اخر تتويجا للجهود الجبارة المبذولة، على كافة الأصعدة على مدى الأشهر الماضية، الامر الذي كبد اقتصاديات الدول العالمية الكثير من الخسائر، وساهم في تعطيل كافة الخطط التنموية، والغي الكثير من المشاريع المجدولة، ضمن أجندة العام الجاري.

من الصعب التكهن بالسقف الزمني، لاعلان انهاء الحرب الدائرة مع ”فيروس“ كورونا، نظرا للتمدد الكبير الذي تسجله الجائحة بشكل يومي، الامر الذي يفسر ارتفاع اعداد الضحايا على المستوى العالمي، بحيث تجاوزت الإصابات حاجز 1,5 مليون تقريبا، فيما يتوقع زيادة الاعداد خلال الأشهر الماضية، خصوصا وان هناك دولا ما تزال تنتظر وصول الفيروس الى أراضيها، مما يشكل تحديا حقيقيا تعيشه البشرية في المرحلة الحالية.

وجود إرادة صادقة للتحرك المشترك للقضاء على الفيروس، والعمل على توحيد الجهود الدولية، وتعاون المراكز البحثية العالمية، عناصر اساسية في تسريع عملية التخلص من العدو ”المرعب“، خصوصا وان المناشدات والنداءات بضرورة التكاتف والتعاون، على المستوى الدولي مبادرات، ليست كافية على الصعيد العملي، وبالتالي فان العمل على ترجمة تلك النداءات الى برنامج عملي، ووضع جدول زمني، يمثل خطوة أساسية، للبدء في التعافي الدولي من تداعيات فيروس كورونا، خلال الفترة القادمة.

المخاوف من فشل الجهود البشرية، في القضاء على الفيروس، يمثل سيناريو مرعب للغاية، وغير محتمل على الاطلاق، خصوصا في ظل المناظر المخيفة التي تتناقلها وسائل الإعلام يوميا، فالمئات من التوابيت تخرج يوميا من المشافي باتجاه المقابر، نتيجة سطوة الفيروس على الأجساد الهزيلة للكثير من المرضى، وبالتالي فان استمرار السيناريو المرعب، يتطلب فتح نافذة امل قادرة على إعادة البسمة للبشرية جمعاء، من خلال العمل السريع على إيقاف مسلسل ”الرعب“ اليومي، الذي يشكله الفيروس على المستوى العالمي.

عملية اعلان الانتصار الشامل على فيروس كورونا، ليست سهلة على الاطلاق، ولكنها ليست صعبة بالمطلق، فالبشرية استطاعت الخروج من الكثير من الأوبئة القاتلة، خلال القرون الماضية، مما يجعلها اكثر قدرة على العبور بمسار وسط الألغام الكثيرة، المزروعة في الطريق حاليا، خصوصا وان التطور العلمي والتقدم التكنولوجي ساهم في إيجاد الكثير، من الحلول للعديد من الامراض المستعصية، وبالتالي فان الفيروس القاتل لن يكون اكثر قدرة على الصمود في وجه العلم لفترة طويلة، نظرا لاستمرار الجهود في المراكز العلمية على ابتكار الامصال الكفيلة، بإيقاف تمدد الفيروسات في الأجساد، مما يسهم في وقف قدرته على تحطيم المناعة الذاتية في الجسم البشري.

الوقت يمر سريعا على البشرية، والجميع ينتظر الخروج بعلاج، لايقاف مسلسل ضحايا فيروس كورونا على الصعيد الدولي، بيد ان الامال ما تزال كبيرة في إمكانية انهاء المعركة الصعبة، التي تخوضها المؤسسات الصحية، خصوصا وان الجميع يدرك أهمية الخروج من المعركة بانتصار باهر، نظرا لانعكاساتها على مستقبل البشرية جمعاء، وبالتالي فان محاولة بث الثقافة الانهزامية في النفوس، ليست مطلوبة على الاطلاق، فالمرحلة الحالية تستدعي زيادة جرعة ثقافة التفاؤل، ورفع المعنويات لمواجهة الخطر الداهم، لاسيما وان الخطورة لا تستهدف شريحة دون أخرى، فالفيروس يهجم على الجميع دون التفريق بين جنس او لون او مستوى مادي او اجتماعي، بمعنى اخر، فان الفيروس القاتل غير معني بتلك التقسيمات البشرية، التي وضعتها بعض الأعراف الاجتماعية، او الثقافات الاجتماعية المجحفة أحيانا.

كاتب صحفي