آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 7:46 م

فاشية التنمر الإلكتروني

دكتورة لمياء عبدالمحسن البراهيم * صحيفة اليوم

التكنولوجيا الرقمية صارت أساسية في التواصل، ومن مساوئها التنمر الإلكتروني في وسائل التواصل الاجتماعي، وقد تفاقمت في العالم الافتراضي أثناء أزمة كورونا، والتي استنهضت فيها جميع الأجهزة الحكومية بتوجيهات ودعم من قيادتنا الرشيدة لتأمين معيشتنا بأمن وأمان.

وفق تقرير عن الأمم المتحدة 7 من كل 10 أفراد تعرضوا للإساءة في الإنترنت، وأن 1 من كل 3 قد تعرض لأذى ذاتي جراء ذلك، وأن 1 من كل 10 حاول الانتحار.

وفي تقرير Ditch the Label and Brandwatch أن 52% من إساءات كراهية النساء كانت من نساء أخريات وغالبا ما يكون التنمر تجاه المظهر والذكاء، وأن غالبية تغريدات العنصرية كانت ضد حسابات الرأي، والذين يناقشون السياسة والرياضة.

يمارس التنمر الرقمي في منصات التواصل الاجتماعي من قبل أفراد أو مجموعات غالبيتها بمعرفات مجهولة لا تكتب ما يشير لشخصيتها الحقيقية إلا بما تدعيه وبالتالي لا يمكن معرفة توجهها وماضيها ومن يحركها، ويتبعون نسقا منظما في استهداف الآخرين من مسؤولين أو أصحاب رأي أو تأثير لإسقاطهم، وقد تشاركهم حسابات معروفة بتنمرها على الشخصيات الناجحة وبأساليب عدائية ومتكررة لإيذائهم من خلال الاستخفاف والاستهزاء، والترهيب، والتلاعب والقمع، وتشويه السمعة، وإذلال المتلقي وتخويف من يتعامل معه، يثيرون العنصرية، وينشرون الشائعات والأكاذيب.

أو من خلال انتحال الشخصيات وتهكير الحسابات، والترصد الإلكتروني والتتبع، والذي قد يصل إلى ابتزاز الشخصيات وتهديدها بنشر صورها وأسرارها إذا لم تلب طلبات الفاعل.

تحفظ حكومتنا الرشيدة حقوق مواطنيها ومقيميها من خلال أنظمتها ومن ضمن ذلك قانون الجرائم المعلوماتية، ولكن غالبا التنمر الإلكتروني هو من إثبات الافتراض من تحريض وتحشيد بغرض الإيذاء النفسي والذي قد يصل لتخوين الشخص وتوريطه لتشويه سمعته وترهيبه، مشجعين الآخرين على قذفه وتناقل صوره ومعلوماته الشخصية وأسرار حياته ونبذه اجتماعيا وتجنبه وعزله، وقد يصل إلى قطع رزقه أو إيذائه مهنيا أو في مستقبله، فالتعليقات السلبية ترسخ صورة سيئة عنه عند الآخرين أنه منبوذ ومكروه من الناس وغير مرغوب فيه.

التنمر الإلكتروني جريمة في حق الوطن قبل أن تكون حقا خاصا، فالإساءة لأشخاص بارزين ومؤثرين يمس سمعة الوطن ويوحي بضعف أجهزته الأمنية والرقابية الحكومية، كما يضلل الرأي والمتابعين على المستويين الإقليمي والعالمي بصورة سلبية عن علاقة الشعب بحكومتهم وقيادتهم، عندما يكون المستهدف أشخاصا عرفوا بوطنيتهم وولائهم.

ولأن المتنمر غالبا شخصية غير سوية فلا تؤمن عواقبه وبماذا سيتطور الوضع، فقد تعرض المثقفون في دول أخرى لاغتيالات من قبل أناس غالبا ما يكونون مدفوعين بسبب التحريض الإعلامي.

لذلك تجريم التنمر الإلكتروني بتشريعات واضحة ومعلنة وإجراءات سريعة إضافة إلى توعية المجتمع بمخاطر التنمر الإلكتروني باتت ضرورة لردع هذه الظاهرة.

استشارية طب أسرة
مستشار الجودة وسلامة المرضى
مستشار التخطيط والتميز المؤسسي
كاتبة رأي