آخر تحديث: 18 / 4 / 2024م - 1:06 ص

أيها التجار... رفقا عند الشدائد تظهر المعادن

حينما تعيش البلاد محنة وبلاء كالتي نعيشها اليوم من مرض يتفشى وتوقف لعجلة الحياة الطبيعية.... مما انعكس اقتصاديا على المجتمع وخاصة بعض الأسر التي مواردها المالية تعتمد على تقديم خدماتهم للآخرين... فمن الطبيعي أن تسود حالة من التكاتف والتعاضد بين فئات المجتمع وهذا ما لمسناه من مجتمعنا الطيب في مبادراته التي صبت في هذا الاتجاه.

إلا أن فئة من التجار التي يمكن أن نطلق عليهم التجار «المتشيطرين» أصرت وآثرت دون حياء أو رادع من ضمير أن تسجل صفحة سوداء في صفحات تاريخ هذه الأزمة عنوانها الاستغلال وتحقيق ما يمكن تحقيقه على حساب معاناة الناس فقد تخطوا الحدود المعقولة بزيادة الأسعار فأوجدوا حالة من السخط غير مسبوقة في أوساط المجتمع وذلك رغبة منهم في مضاعفة أرباحهم!

معتقدين أن ذلك تجارة «والتجارة شطارة» نعم هي «شطارة» خالية من الإنسانية... آه كم تلوثت العقول بمثل تلك المقولات السخيفة...!

بل هناك من يعتقد أنه يحق له البيع في تجارته كما يشاء كأن يشتري سلعة بريال ويبيعها بعشرة أمثالها!

وهذا فهم خاطئ ولكنه سائد في أوساط التجار والمجتمع.

فالله تعالى وضع لنا قواعد ونظم لبناء حياة عادلة لتسيير مصالح الناس في العبادات والمعاملات وغيرها...

حياة متوازنة يشعر فيها الناس بالعدل وبالأمن والرضا فيحق لنا الشراء والبيع والربح ولكن لا يحق لنا إلحاق الغبن والضرر بالآخرين «فلاضرر ولا ضرار» بمعنى يحق لك البيع والربح في حدود ما تستحقه السلعة وفي حدود المتعارف فلا يتحاوز حدا يوقع الضرر فيغبن فيه الناس بحجج مختلقة وواهنة كالادعاء أنهم يشترون برضاهم... بل هم في الحقيقة مكرهون ومدفعون دفعا لعدم توفر البديل وهذا عين الغبن بل هو ظلم يلزمه وقوع الضرر المؤكد بالآخرين مما يترتب عليه الإفساد بمصالح الأفراد والمجتمع، ويعد مخالفا لمقاصد الشريعة وهنا ينبغي على العلماء الأفاضل بيان ذلك لعامة المسلمين لما له من بالغ الأثر في تحقيق مبادئ ومقاصد الشرع وليشعر الناس بعدالة النظم والقواعد الشرعية ولنضع حدا للإضرار والتضيق على الناس ولنحمي مجتمعنا من المفاسد المختلفة التي قد تنشأ وراء العوز الإقتصادي...

ولكي لا يزداد الفقراء ألما وجوعا بينما تمتليئ جيوب التجار مالا وتخمة، وتطغى على أخلاقهم فسقا وفجورا فتموت أحاسيسهم وشعورهم بآلام من حولهم لأنهم وقعوا أسرى مفاهيم خاطئة.

وهذه المفاهيم الخاطئة والجشع الجارف الذي ملأ نفوسهم ساهمت في صنعه أيضا وسائل الإعلام المتعددة فقد صنعت لنا تجار الفرصة أو تجار لقف الأزمات إن صح التعبير وتجار الثراء السريع الذين جروا وراء بريق دعوات مضللة على منوال كيف تصبح مليونيرا في أسبوع فتراهم يلهثون مغمضي أعينهم سادين آذانهم وراء زهو متعة الثراء متناسين «تغمرهم نشوة جني المال» متناسين ناسهم ومجتمعهم الذين ينتمون إليه ألا يعلمون أن دوام الحال من المحال؟ فاحذروا زوال النعم...

أستحلفكم بالله ألا تدركون ما نحن فيه من أزمة..؟!!

فقط قليل من الحياء...

ألم يرقى إلى مسامعكم أن هناك من عصفت بهم الأزمة فلا يجدون قوت يومهم؟ وأنهم بأمس الحاجة لكل ريال في هذه المرحلة الاستثنائية القاسية؟!

أليس هذا وقت التعاون والتلاحم؟

فمتى يكون إذن؟!

أم هي فرصة لامتصاص ماتبقى من نداوة في جيوب الفقراء والأرامل واليتامى والمساكين؟!

تبا لربح دنيوي زائف قد أفقدهم جزءا من إنسانيتهم وسيحولهم لمتوحشين آكلين للحوم البشر.

إن الناس غاضبون متذمرون فاحذروا دعواتهم الممزوجة بالحرقة والألم لا تتحول لنار تحرق ما حصدتم فهم يعانون الأمرين فزدتم جراحهم جراحا ووجعهم أوجاعا فاتقوا الله فيهم ليوم لا ينفع فيه مال ولا بنون.