آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 1:33 ص

كم أصبح الصفر يفرحنا

سهام طاهر البوشاجع *

كان ومازال الرقم «0» يقلق الجميع فالتاجر لا يريد أن يرى الصفر في مجموع أرباحه والرجل الكادح يخشى أن يراه في رصيده المتبقي قبل حلول موعد راتبه الشهري، وكم يرعب هذا الصفر الطالب حينما يراه في شهادة تقييمه ويحزن والديه كثيرا.

الصفر يسار الواحد لا قيمة له ويمينه يشكل ثقلا في موازين الأموال لا حصر لها وحين تقاس كفة المال بكفة الصحة والحياة ترجح كفة الصحة والحياة عن كفة المال بالتأكيد فالصفر الذي لا قيمة له ها هو الان يشكل مجموع كل أصفار الدنيا قبل الواحد.

ما أجمل عبارة ”البلد سجلت «صفر» حالة“ ضمن إصابات فيروس ”كورونا“ المبتلى به العالم أجمع لهذا اليوم فرحة عارمة تراقص على نتائجها الكثيرين وحلم باستمرارها الملايين ما أجملك من صفر زينت الدنيا بحضورك في زمن الكورونا وأسعدت قلوب بائسة وأرواح باتت تكل وتزهق من روتين الحياة الجديدة فما أجمل العودة للحياة إن استمر تدوين الصفر في كل يوم ضمن إحصاءات الإصابة بالفيروس في مختلف مناطق البلاد فقط الكل يريد الصفر يتكرر اليوم وغد وبعد الغد إلى أن ينتهي كابوس المرض هذا الخبيث، هذه أمنيات الشعوب اليوم في كافة أصقاع الأرض بمختلف دياناتها وأطيافها ومللها ومجتمعاتها

لكن السؤال الذي يطرح هو ”كيف تحافظ الشعوب على الرقم“ صفر ”صفر في الإصابات وصفر في الوفيات وصفر في الحالات الخطرة؟ كل هذا منوط بالتغير في أسلوب الحياة الذي، ما كانت عليه من أساليب في النظافة والتربية والتجارة وغيرها تعتمد على التكديس والحشو دون النظر في جودة الإخراج بقدر عدد ما تم إنجازه ففي التجارة لا يهم من أين أتت الأموال المهم الأرباح تدر من كل الجهات وفي التربية لا يهم كثيرا مستقبل مشرق للأبناء بقدر المستقبل الذي يضمن لهم كفاف معيشتهم ولا يجعلهم متشردين وفي النظافة لا يهم أن تكون الأجساد خالية من البكتيريا العالقة بها فالأهم أنها لا تمرض بمرض عضال والكثير من تلك الممارسات التي وقت عندها الآن الشعوب بالتفكير الجاد وقلبت بعض الموازين لدى بعض المفكرين فلا يكفي الربح المادي من مال نمى على الفساد لذا يجب أن يطهر ولا تكفي التربية بإنتاج جيل مفلس من الثقافات فالعالم يتطور ويحتاج إلى أقوى الثقافات ولا تكفي الأجساد البراقة من الخارج فالبشرية تعول على صحة الإنسان تلك الأساليب وغيرها مما لم أكتبها في مقالي وتحضر في أذهان الكثيرين من القراء تقاس على ما كتبت بالتأكيد جاء الوقت للوقوف عليها والتغير من نمط سيرتها حتى بالفعل نشعر بقيمة“ الصفر ”الذي تعلقت قلوبنا وأعيننا هذه الأيام على شاشة إحصاءات هذا الفيروس“ الصفر" الذي نود رؤيته في كل بلاد العالم ونريد أن تكون الشاشة كلها أصفار ما عدا عدد المتعافين منه.

كاتبة ومحررة في صحيفة المنيزلة نيوز