آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 5:35 م

رفقاً بالمستأجرين

فؤاد الحمود *

من الواضح أن جائحة كورونا ظهرت بوجه طبي فتصدت لها الدول بكل ما لديها من طاقات علمية وسخرت الجهود الكبيرة بما يتناسب مع الجائحة، بحيث تم محاصرة انتشار الفايروس بشكل أكبر وبكل ما لديهم من قوى، فبذلت خلالها الدول الأموال الطائلة، ومازال العالم حتى هذا الوقت وقد يكون سابق لأوانه اكتشاف المضاد المناسب.

وحتى ذلك الوقت الذي يُكتشف فيه العلاج فإن الجائحة قد ألقت ظلالها وبوضوح على الجانب الاقتصادي؛ فعطلت المصانع والمصالح العامة والخاصة، فأصبحت لها الآثار الاقتصادية البارز في تغير دخل الأسر رغم وقوف الكثير من الدول مع أبنائها ورعاياها ولو بالحد الأدنى.

كما أن بعض الشركات سرًحت بعض الموظفين وهذه الظاهرة شملت جل الدول الصناعية والاقتصادية فكيف يا ترى بالدول الفقيرة؟

ومما لا إشكال فيه أن الفترة القادمة ستظهر لدى المجتمع البشري الكثير من المشاكل سواء على مستوى الأسر بسبب الحظر وما يستتبعه من بقائهم فترات طويلة داخل المنازل وما له من آثار نفسية واجتماعية سنلاحظها إن عاجلاً أو أجلاً.

ومن تلك المشاكل هي ظاهرة العجز التي ستؤثر على الكثيرين في دفع مستحقات الإيجارات والتي من الواضح أن الكثير لن يستطيع دفعها إما بسبب تخفيض الأجور من قبل الشركات أو تسريح البعض برغم وجود دور ساند في المملكة في دعم الأسر ودور الجمعيات الخيرية ورجالات الأعمال في المجتمع.

ومع أن هناك مبادرة من قبل جمعية القطيف الخيرية حسب علمي بتحويل مشاركة وريع ناصفة شهر رمضان واطلاق مبادرة دعم الإيجارات، إلاّ أنّ الموضوع يحتاج إلى تعامل بعقلانية أكبر؛ فنجاح مساهمات المجتمع من ناصفة النصف من شعبان أيسر بكثير كون الاحتياجات منحصرة في دفع جزء من الراتب الشهري أو دعم عيني للأسرة المتضررة أما مسألة الإيجارات فتحتاج إلى رأس مال كبير.

ومن المؤكد أنّ قرار تخفيض الرواتب لم يأت إلا بعد دراسة جدوى ما يخدم المجتمع من قبل خبراء اقتصاديين بالدولة وبما يتناسب مع تطلعات ورؤى الشركات والأفراد.

فقد جاء الدور الواضح لسن قانون من الجهات الرسمية لأصحاب المنشآت الخاصة من عمائر ومحال تجارية ومنازل إلى تخفيض الإيجارات بما يتناسب مع الدخل الجديد، وهنا من نافلة القول لا ننسى أن نثني على الكثير من أصحاب الأملاك الذين وقفوا مع المستأجرين بإسقاط بعض الأشهر وجعلها بلا مقابل أو تخفيض الإيجارات، ولكن إذا لم يسن القانون ستستمر الأزمة وتظهر للعيان.

فحتى لا نصل إلى تلك المرحلة التي يترتب عليها الكثير من المشاكل بين المؤجر والمستأجر وتتحول الكثير من القضايا إلى أروقة المحاكم؛ لذا نوجّه النداء إلى الجهات العليا أن تعيد النظر في العقود المبرمة، وكما يقال أن العقود نافذة في الأوضاع العادية أما الأزمات لا بد من إعادة النظر بسن القوانين بما يتناسب لصالح الجميع المؤجر والمستأجر.

فهل سيبادر أصحاب العقار بمد يد العون لشركائهم في الوطن من المواطنين والمقيمين أم ننتظر سن القانون وتفاقم الأزمة وتدخل الدولة وهي تقوم في هذه الفترة بمواجهة الجائحة بكل ما لديها والسعي بالمحافظة على أرواح المواطنين.

فمن المعلوم والواضح حتى لمن ليس لديه خبرة كبيرة أن الجائحة لن تنتهي خلال فترة وجيزة وبسيطة فقد تمتد إلى أشهر أو أكثر حسب المعطيات الصحية لمحاصرة الوباء وحتى مع المحاصرة فإن تبعاته ستظل باقية.

لنستشرف المستقبل ونعمل على رؤى واضحة قبل أن نكون متمثلين بالمثل العربي "ألقاه في اليم مكتوفا وقال له إياك إياك أن تبتل بالماء.