آخر تحديث: 16 / 4 / 2024م - 4:10 م

فرص من رحم الجائحة «10»

الدكتور إحسان علي بوحليقة * صحيفة الاقتصادية

تنشيط الاستهلاك يتطلب عملا وأملا، والنجاح في زيادة الاستهلاك يؤدي إلى اصطياد عصفورين بحجر، تنشيط القطاع الخاص بما يدفع نمو الناتج المحلي الإجمالي، وزيادة الإيرادات الضريبية. ولا ينبغي أن ينساق الذهن إلى أن الاستهلاك هو شراء ما لا فائدة منه، فحتى شراء الضروريات استهلاك. من جانب آخر فإن المستهلك لن يستهلك بأريحية، إلا إن اطمأن للمستقبل، أما في حال الضبابية وعدم اليقين فاستهلاكه يقل بقدر قلقه، فينصرف لما هو ضروري، بل ويقنن حتى استهلاكه من الضروريات، وينحا إلى كنز المال تهدئة لهواجسه القاتمة للمقبل من الأيام.

وما يعايشه الاقتصاد العالمي، ونحن جزء منه، في ظل جائحة كورونا، هواجس تغذيها الضبابية وعدم يقين المستهلك، وعلى مستويين، «1» ضبابية مرهونة بوقت انقشاع الجائحة، وهو مجهول. «2» ضبابية مرهونة بتدفق الدخل من عدمه، فإن كان موظفا فلعل دخله قد تأثر أو ثمة مخاوف أن يتأثر سلبا، وإن كان يعمل لحساب ذاته فالأرجح أنه يتحين عودة النشاط الاقتصادي إلى طبيعته.

نعود إلى السؤال، كيف نحفز العمل ونزرع الأمل لتنشيط الاستهلاك؟ وعندما نقول تنشيط الاستهلاك فنحن نقول - بعبارة أخرى - عودة الحياة إلى الاقتصاد. وقبل الإجابة؛ لنتفق أن زرع الأمل يسبق حفز العمل، والسبب أن العمل والإنتاج دون إقبال من المستهلكين لن يجدي نفعا، فتتكدس البضائع وتتعاظم الخسائر، وكما قال حكماؤنا منذ دهور ”جود السوق ولا جود البضاعة“، والسوق ليست مكانا بل إقبالا وتقابلا بين الباعة والمشترين.

كيف نزرع الأمل؟ بأن نرسم خطا في الرمل ونقول، إن انقشاع الغمة قريب - بإذن الله -، وهذا أسلوب اتبعته عديد من الدول في أنحاء العالم، فمثلا إيطاليا التي طحنتها كورونا طحنا وسحقت منظومة الرعاية الصحية فيها سحقا، ما إن تمالكت أنفاسها حتى أعلنت مواعيدا للأنشطة التي كانت محظورة لمعاودة أنشطتها، فبدءا من غد ”الإثنين 18 مايو“ ستعاود المقاهي والمطاعم وصالونات تصفيف الشعر. ودون شك، فالظروف والمعطيات تتفاوت من دولة لأخرى، بل تتغير من موقع لآخر ضمن ذات الدولة، ففي إيطاليا مثلا هناك 20 إقليما لكل واحد منها معطياته ومواعيد معاودة الأنشطة. القصد، هو تحديد موعد مستهدف بما يهيئ أصحاب الأعمال وموظفيهم لمعاودة النشاط، وما يتطلبه من تجديد اتفاقيات التزويد، واستعادة العمالة أو حتى توظيف مزيد منهم، وما ينبغي أن يسبق ذلك من توعية بالحفاظ على أسباب الوقاية الشخصية والتباعد الاجتماعي، ولن يخلو الأمر من بعض التسويق والدعاية والعروض الترويجية لتشجيع المتردد من المستهلكين الذين اعتادوا القبوع في المنزل... يتبع.

كاتب ومستشار اقتصادي، رئيس مركز جواثا الاستشاري لتطوير الأعمال، عضو سابق في مجلس الشورى