آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 2:44 م

جزء عمً في ذاكرة الأطفال

أمين محمد الصفار *

ارتبط الجزء الثلاثون من القرآن الكريم - والمسمى بجزء عم - في ذاكرة الأطفال بمجتمعنا المحلي ارتباطاً وثيقاً، ومختلفاً عن باقي الأجزاء الأخرى من القرآن الكريم، فأول جزء من القرآن يتعلمه الطفل منذ بدأ تعليم الأطفال - لدى المعلم/ة في الكتاتيب - حتى الآن هو هذا الجزء الذي يحوي العدد الأكبر من السور التي تتميز بقصرها وقصر آياتها أيضا كونها آيات مكية.

كبر الأطفال وظل جزء عم راسخاً في الذاكرة، قد يسوء الحفظ وتخون الذاكرة في حفظ بعض الآيات ولكن مازال من السهل عليهم معرفة أي سورة من القرآن اذا ما كانت من جزء عمً أم من غيره من أجزاء القرآن الكريم، وهذا شيء قد لا تجده مع باقي أجزاء القرآن عادة.

للآباء والمربين فضل كبير في الاهتمام بتعليم ابناءهم القرآن، وهم عادة ما يبدأون بجزء عم وذلك لقصر سوره وآياته، ولكن الكلمات والالفاظ الواردة في هذا الجزء ليست بالسهولة نطقاً بالنسبة للأطفال، وربما كانت هي الدرس التطبيقي الأول لتقويم النطق وجره عن اللهجة الشعبية الدارجة، فحتى بعض الآيات القصيرة بها من الالفاظ والتراكيب الصعبة التي تحتاج إلى قوة في اللفظ وقدرة على الأداء قد لا تتيسر لبعض الأطفال بل حتى الكبار أيضا.

أما بالنسبة لموضوعات الآيات القرآنية في الجزء الثلاثين، وبالرغم من أن الآيات المكية هي آيات توحيدية، إلا أننا نرى أنها أيضا تتناول بتركيز كبير على المظاهر الكونية مثل: الشمس والقمر والنجوم والبروج والجبال والسحاب وبلغة ذات جرس قوي مثل الأنفطار والانشقاق، ثم تتناول في جانب أخر الأزمنة مثل: الليل والنهار والفجر والضحى والعصر الى بعض تفاصيل يوم القيامة واحداثه وبنفس الجرس مثل: القارعة والزلزلة وغيرها. هي حتماً أكبر من مخيلة الطفل ولكنها تبقى لتعمل وتوسع ذلك الخيال منذ الصغر وكأنها دعوة للاحتفاظ بها صوراً حتى حين لتصبح بعد ذلك خيالأ وفكراً خصباً أبعد من الحدود المكانية والثقافية.

أما صورة تلك الكتاتيب التي كانت المدرسة التي يتعلم فيها الأطفال القرآن الكريم، فقد صورها ووثقها الشاعر جاسم الصحيح خير تصوير في ثلاثة أبيات بديعة إذا يقول:

رَحِمَ الله طريقاً قادَنا للكتاتيبِ مَشَيْناَهُ حُفَاةْ

و«القرائينُ» على راحاتِنا تَتَجَلَّى أَلَقاً كاللُّؤلؤاتْ

واحتشَدْنَا في حصيرٍ واحدٍ طاهِرِ الخوصِ.. نَقِيِّ السَّعَفَاتْ