آخر تحديث: 25 / 4 / 2024م - 9:08 م

رحلة العمر

حسين علي الربح‎ *

استطيع ان أشبه حياة الانسان العمرية برحلة يستقل خلالها قاطرة يمكث فيها لأمد معلوم من دون علمه وكم تمنى لو علم ولكن هيهات ان يعلم بمحطة الوصول النهائية، وهذا ينطبق علينا كلنا دون استثناء.

ابراهيم ناجي شاعر الرومانسية والجمال المنحدر من مدينة المنصورة وفي الاطلال نقتبس ما يناسب المقالة لحال الدنيا حين يصدح ناجي /

يا حبيبي كل شيئٍ بقضاء... ما بأيدينا خلقنا تعساء...
ربما تجمعنا أقدارنا.... ذات يوم بعد ما عز اللقاء...
فإذا أنكر خل خله... وتلاقينا لقاء الغرباء...
ومضى كل إلى غايته.... لا تقل شئنا فإن الحظَّ شاء...

نعم ومضى كل إلى غايته...

نحن من سيمضي لغايته ومنتاه مستقلين قاطرة العمر.

إن قدر لك الله أن تمضي مع القاطرة في المسير فسترى الكثير ممن يرافقك في الرحلة وقد هم بالنزول رغم محاولته المستميتة بالبقاء وتعلقه بحب البقاء والاستمرار في الرحلة، لكن لن تفيد كل تلك المحاولات ومهما فعل وتوسل سينزل ثم تستمر القاطرة في المضيء في الرحلة، لتجد نفسك ايضا وقد انتهت بك عند إحدى المحطات القادمة التي لم تكن لتتوقعها لتنظم لقافلة النازلين بل قل المودعين.

من كان معك ورافقك الرحلة سيتذكرك قليلا وكثيرا ثم تتوالى المشاهد الآتية عبر نوافذ القاطرة فتنسى بل وتمحى كل ذكرياتك مع استمرار المسيرة.

من يترك القاطرة ويمضي يترك الأثر البليغ في الباقين طيلة بقائهم حتى موعد الرحيل واقول أيضا رحم الله احمد فتحي حين يقول /

ذكريات داعبت فكري وظني
لست ادري ايها اقرب مني
هى فى سمعي على طول المدى
نغم ينساب فى لحن اغنى
بين شدو وحنين وبكاء وانين
كيف انساها وسمعي لم يزل يذكر دمعي
وانا ابكي مع اللحن الحزين
كان فجرا باسما..

المغريات الحياتية قد لا تقاوم من قبل الركاب، وعندها يتمنوا المكوث الأبدي في الرحلة، لكن هيهات، هيهات، لقد وقفت القاطرة الوقوف الاخير فتفضلوا أيها السادة الكرام بالنزول نحو الوعد الموعود.