آخر تحديث: 25 / 4 / 2024م - 9:08 م

وباء البطالة

عبد الرزاق الكوي

تسبب تفشي وباء كورونا في كثير من القضايا والأزمات منها كانت أزمات سابقة وزاد الوباء من تفاقمها، ومن هذه الأزمات المصيرية والخطيرة على كل بلد واقتصاده واستقراره، العاطلين عن العمل هذه الأزمة بسبب عدم وجود عدد كاف من الوظائف في ظل وجود قوى عاملة لديها القدرة والرغبة والحاجة الماسة في العمل، فقبل الأزمة كانت موجودة والآن مع الوباء تشكل معاناة بزيادة الملايين على النطاق الدولي والعالم العربي المثخن بأوضاعه الاقتصادية جاء الوباء ليزيد الأمر الاقتصادي سوءا وركود ومع الوضع الحالي من المحتمل أن تصل نسبة العاطلين عن العمل ما يقارب خمسة عشر في المائة على النطاق العالمي، ولهذا المسؤولية كبيرة والوضع مقلق وبحاجة ماسة لمعالجة ووضع سياسات لمكافحة وباء البطالة ووضع خطط مرسومة تحد من هذه المشكلة والنظر بعين ثاقبة وتحسين الأوضاع حتى لا تصل الأمور إلى ما لا يحمد عقباه، خصوصا أن معظم العاطلين من الشباب في مقتبل العمر وهم الفئة الأكثرية في العالم العربي وأمامهم حياة يتمنون أن يحالفهم الحظ في عمل يحفظ لهم كرامتهم ويقيهم شر الحاجة والفقر.

اليوم الملاحظ ارتفاع وتيرة طالبي العمل في ظل انخفاض النمو والإنتاج، بحيث لا يوجد تواز بين مقدار العمالة مع مقدار النمو

مما يخلق أزمة اقتصادية وزيادة طلب عالمي مما يسبب في تفشي البطالة وما يأتي من بعد البطالة إلا أزمات خطيرة في خاصرة أي مجتمع، وإذا تركت بدون حل ومعالجة فآثارها تولد جيل تفتك به الأمراض النفسية والإحباط مما يؤدي إلى ظهور أنماط وأشكال سلوكية خطيرة أو يتلقفها أعداء بلادهم من إرهاب وإجرام ومخدرات وقطاع طرق، وانحرافات خلقية جيل ليس فقط عالة على مجتمعه، بل يشكل خطر وقنبلة موقوتة.

فليس من المستحيلات معالجة هذا الوضع وعلى أقل تقدير التخفيف من حدته، قبل الوباء كانت بعض الدول في تحسن مطرد في التقليل من نسبة البطالة، ولكن مع الوباء انتكس الوضع على النطاق العالمي مشكلة خطر داهم تحتاج إلى جهود حثيثة يتوازى مع عظم هذه الأزمة، فلا شيء بعد الصحة يوازي عيش كريم ورزق يسد الرمق المعيشي بالحد الأدنى للعامل وما يعيل من أفراد أسرته وتعتمد عليه بمسؤولياتها الحياتية، والوباء فاقم الوضع وزاد الأمر سوء بالأعداد الكبيرة التي دخلت في حسابات الوباء، فالتوظيف توقف بشكل كبير في هذه المرحلة، وهذا الوضع يؤثر على الحالة الاقتصادية للدول، ويدخلها في حسابات بعض الدول لا طاقة لها بذلك، فالعالم أصبح يمر بمراحل من التراجع على المستوى الصحي بسبب الوباء والأسواق المالية والحروب، كلها متاهات تحتاج إلى تعاون دولي ووضع رؤى مرحلية وأخرى مستقبلية، تعالج المخاطر والتدهور الحاصل حتى لا يخرج عن السيطرة وتعم الفوضى، فالعالم لا تنقصه مشاكل وأزمات، ما يزيده عشرات الملايين يفقدون وظائفهم، مما يعني خسائر بمليارات الدولارات وخفض الاستهلاك وضعف قوة الشراء يؤدي بعد ذلك إلى وضع اقتصاد مترد يؤثر بالتالي على مجمل الحياة للجميع ليس لهذه المرحلة بل لسنوات قادمة حين تغلق شركات ومصانع أبوابها يسبب ضغط على الاقتصاد وخسائر سيولة مالية كبيرة تتعدى المليارات والتريليونات من الدولارات.

نهوض الأمم وتقدمها وتطورها يرتبط بشكل أساسي بالعمل وبه يصل المجتمع للقمة وتأخذ مكانتها بين الدول المتقدمة وتتراجع الدول إلى الحضيض والدرك الأسفل عندما يعطل هذا الجانب المصيري، طاقات بشرية تذهب هدرا بل يسبب وضعها أزمات لا قبل لمجتمعهم به.

فالعامل يحتاج أن تتكافل الجهود ليبقى في عمله، وإيجاد خطط مدروسة من أجل توظيف العاطلين، لينمو المجتمع ويرتفع الإنتاج وتزدهر القيمة الشرائية ويعم خيرها البلد، فالتستر يأخذ حيز ليس بسيطا من العمالة، كذلك مخرجات التعليم بحاجة لمعرفة ما يريده السوق ومجال العمل في الوضع الحالي، مجالات كثيرة يحتاجها المجتمع بحاجة إلى توسعة وتشجيع حتى وقت التخرج يجد الوظيفة المناسبة، وهناك مجالات يوجد اكتفاء ذاتي ليس بحاجة أن تستمر تصرف عليها الملايين ومخرجاتها معدومة.

فالمجالات الصحية والتخصصات المهنية والتكنولوجية يتزايد الطلب عليه في هذا الوقت، وبالخبرة والدراسة والصقل تمسك زمام الأمور وتحل محلا عامل أجنبي والمستفيد الأول البلد واقتصاده ونموه.

إن يهتم العامل بتطوير إمكانياته بالتدريب والدراسة والعمل الجاد المخلص ليكون أكثر احترافية حتى يكون وجوده مهما ويحرص أصحاب الأعمال على التمسك به.

المشاريع الصغيرة مع النمو السكاني تحتاج إلى تشجيع وتسهيل ومساعدة ودعم وملاحظة تقدم هذه المشاريع وتطورها وانتشارها وأن تدار بأيدي محلية مخلصة وكفاءة