آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 11:37 ص

الأخ الأسمر

كتبتُ هذا لصديقي الأسمر الذي كنت معه زميلا في فصولِ الدراسة، وصديقًا في العمل، وجارا في المسكن، ورفيقًا في أزقةِ الحياة:

يا أخي لا تمل بوجهكَ عنّي

ما أنا فحمةٌ ولا أنتَ فرقد

سبحانَ من خلقَ البشرَ في الوانٍ ظاهرها يتعدد ويختلف باختلاف الورود والأزهار في الحديقة الكبيرة فهو يتدرج في التنوع والجمال بين اللونِ الفاتح والداكن، وكلها لو شاء اللهُ جعلها لونًا واحدا. لكن جزمًا لن يكون في اللونِ الواحد ما في الجماعة من تعدد الألوان.

والله فعلا أرانا انه قادرٌ ان ينسخنَا في لونٍ واحد، فهل لا نرى عندما تتدفق دماؤنا خارج أجسامنا أنها كلها حمراء قانية لن يستطيع أحدٌ مهما دقق وحد النظر أن يقولَ هذا دمي وذاك دمك؟

نحن البشر، أو بعضنا، فقط من يعطون للألوانِ قيمةً فوق ما تساوي فيحبون هذا ويرفضون ذاك، ولا بأس ما لم يتحول التفضيل الى طريقة حياةٍ وموت وعنصرية، فلستَ مرغما أن ترتدي اللون الذي أحبه لكنه لا يجوز لك أن تكرهني لان لوني لا يعجبك.

مدرسة وفكرة الالوان والاجناس والاعراق ترفضها الأديان وآخرها الإسلام الذي قرب أفرادًا من غير العرب ومن غير قرابة النبي محمد ﷺ، وأبعد أناسًا من بطونِ العرب السحيقة في القدم ومن أقارب النبي محمد ﷺ وقرر أن يكون التفضيل على الأساسِ التالي: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى? وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ.

وهذا لا يعني أن المسلمين الآن بريئون من تهمة التفرقة والعنصرية، فهم مثل غيرهم من الناس ويعبرون عنها بطرقهم المختلفة والقاسية والفتاكة أحيانا.

لا يزال الناس مختلفون في الداخل والخارج ولو شاء اللهُ جعلهم نسخًا من بعضهم. ولا يزال الخير في 99% من الناس الذين يرتاحون لِتنوع ألوان البشر واختلاف مشاربهم، ويبقى الواحد في المائة الذي لن يعجبه إلا لونه أو عرقه أو دينه!

للواحد في المائة الذي لا يحب تنوع مناظر الحدائق الإنسانية هذا هو الشرح الكافي والوصفة الشافية من علة قصر النظر التي وصفها الإمامُ علي بن أبي طالب لهذا المرض ”فإنّهم صنفان: إمّا أخٌ لك في الدين، أو نظيرٌ لك في الخلق، يفرط منهم الزلل، وتعرض لهم العلل، ويؤتى على أيديهم في العمد والخطأ، فأعطهم من عفوك وصفحك مثل الذي تحب وترضى أن يعطيك الله من عفوه وصفحه“.

لايكن للخصام قلبكَ مأوى

إنّ قلبي للحبّ أصبح معبد

       ”إيليا أبو ماضي“

مستشار أعلى هندسة بترول