آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 1:31 ص

العالم إلى أين

عبد الرزاق الكوي

في ظل تأخر وجود علاج لوباء كورونا يضع العالم يده على قلبه خوفًا وترقبًا مع التراجع بين معدلات الشفاء وزيادة المتعرضين للوباء على المستوى العالمي، ومنها المجتمعات العربية، فالدواء بكل تأكيد سوف يأخذ وقت ليس فقط لعدم مقدرة العالم لإنتاج الدواء بل المردود المالي المجدي ليغطي تكلفة هذا الإنتاج والأرباح المنتظرة في تسويقه، فشركات الأدوية وخلفها المسيطرين على رؤوس الأموال تدعم وتنتظر حسب إتفاقيات جني الأرباح، فالسياسة المتبعة في الفكر الرأسمالي هي المصلحة المادية للقيادات النافذه والممسكة بمقاليد الأمور الاقتصادية على المستوى العالمي، وهذه السياسة هي أقل قوة ونفوذ في دولة الصين، فالشركات والمصانع في جميع أنحاء العالم تبحث عن الربحية وليس جمعيات خيرية ولكن في الصين أقل حدة وليس لها سوابق في مثل هذه الحروب الاقتصادية على الدول الأخرى، ولم تشن حروبًا في العالم الحديث على دول أخرى ولم يسمع أن مخابراتها تدخلت من أجل الضغط أو المؤامرات أو تغيير سياسات تحت ضغوط وتهديد عسكري أو اقتصادي.

فالدول الغربية تملك عشرات من المختبرات البيولوجية على نطاق العالم وفي الدول الحليفة لها وتصدر بعض هذه الأسلحة لدول العالم رغم جميع المواثيق والمعاهدات الدولية التي تحرم إنتاج واستخدام وبيع مثل تلك الأسلحة مما تشكل خطر على العالم. وكم من المرات تسرب من هذه المصانع مواد جرثومية أو كيميائية أو بيولوجية وسببت كوارث وموت وتشويه وأمراض فتاكة للعالم فهذا هو المشروع الحقيقي والسياسة المعمول بها على أرض الواقع عنصرية من هنا وحروب من هناك وإرهاب على نطاق دولي والمصانع البيولوجية مستمرة في إنتاج مايدمر العالم بأسره، والدعاية الرائجة لهذه الدول هي الدفاع عن حقوق الإنسان ونشر الديموقراطية وهذا شعار يستخدم لأغراض سياسية بحتة وليس حبًا في عالم تسوده العدالة والحياة الكريمة. كلمة حق يراد بها باطل، فالخريف العربي الذي شجعته ودعمته الدول الغربية يشاهد نتاجه في سوريا المدمرة وليبيا المشتعلة والعراق الممزق، انتشرت الفوضى وعم الخراب، فهذه الدول لم تكن معارضة لتوجهات القوى العظمى بل السبب لم تكن مسلمة بالتمام بالوصايا الكاملة للسياسة الخارجية للدول العظمى، ولا غرابة من السياسة الغربية أن يحارب كل من يسبقها لعلاج للوباء وتخسر المصانع الغربية ماتصبو له من جني الأرباح وممارسة الضغوطات على العالم، فالصين اليوم تحارب من قبل الغرب لأنها خرجت عن السيطرة الرأسمالية وتبرز مهدد حقيقي للزعامة الاقتصادية على نطاق العالم بإعتمادها على نفسها وخلق واقع جديد من تطوير البنى التحتية، وتتجه إلى محاربة الفقر في دولة تمتلك أكثر عدد من السكان على نطاق العالم.

فالحرب العسكرية مستبعدة ضد دولة الصين والعالم لايتحمل مثل هذه الحروب لوجود الكم الهائل من الأسلحة، فالحروب الاقتصادية هي من حروب هذا الزمان ورغم الضغوطات فالصين تتجه لتتوج كقوة اقتصادية عالمية يشار لها بالبنان، تتعامل مع العالم بموثوقية وعلاقات دولية حسب المواثيق والأعراف الدولية.

فالميزانيات العالمية بشكل عام كانت ولازالت ترصد لدماره وخرابه بصناعة شتى أنواع الأسلحة ومايتطلبه مثل هذه الأسلحة من أسواق فلابد من حروب لترويج مثل هذه الأسلحة والتربح من ورائها حتى لو أبيد البشر ودمرت البلاد، فالمافيات العالمية المسيطرة شغلها الشاغل جني الأموال وليس مصلحة الإنسان. فالوباء حتى ولم تكن وراءه أيدي خفية توجد أيدي خفية في استغلال هذا الوباء، فالتبعات الصحية لهذا الوباء لا تشغل إنسانيتهم ولاتحرك ساكن في ضميرهم، فالتوجه هو مص الدماء حتى آخر قطرة، والتاريخ حافل بمثل هذه الممارسات من أوبئة والعبث في الطبيعة من جراء التجارب المدمرة والمستمرة. فالعالم يسير تحت قيادات عالمية غير رشيدة تتصرف بعقلية مادية بحته لاتراعى فيها قيم ولايحترم فيها مواثيق في ظل عجز عالمي عن كبح هذا العبث فالقلق وعدم الأمان هو حال البشرية في ظل هذا الواقع المأساوي، فالتهديد يوما عسكريا وآخر عنصريا وثالث صحيا. وآخر إرهابيا والقادم يعلمه الله سبحانه وتعالى، ومايحاك للإنسانية من قبل المهووسين بجني المال والسيطرة على مقاليد أمور العالم أصبح العالم محط تجارب لأوبئة ماتنتجه المصانع من أسلحة نووية وجرثومية وكيميائية. المتضرر اليوم في مثل هذه السياسات المواطن الذي يحارب في رزقه وفي حياة قصيرة يتمنى أن يعيشها بأمن وأمان، يشرد من دياره، تدمر البنية التحتية لبلاده، يحارب في اقتصاده ينتشر الفقر في أنحاء العالم، يتجه العالم بفعل هذه السياسات لدماره، وأحلك أيامه خطرا، حتى البيئة لم تنجوا من العبث.

هذا الوباء الذي يعتقد الكثير من الباحثين وخبراء الأوبئة أنه لن يكون الأخير وسوف يكون الأخطر في ظل الطمع العالمي والفكر الرأسمالي فالسفينة تهدد بالغرق والخاسر الجميع.

فاليوم تبرز قوى عالمية على رأسها دولة الصين تأخذ العالم إلى مستقبل اقتصادي أفضل وعلاقات دولية تبنى على مصالح مشتركة وعلاقات سياسية بعيدة عن الهيمنة تأخذ بيد العالم إلى حياة كريمة ومعالجة للمشاكل العالمية حسب المواثيق والأعراف الدولية تتوقف فيه الأفعال العبثية التي تهدد العالم من حروب ودعم للإرهاب وبث الرعب.