آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 4:57 ص

رفقا بإخواننا وأخواتنا في الصحة

عبدالله الحجي *

أوقفتني كلمات طفلة في الخامسة من عمرها تقول لجدتها متذمرة:“متى يروح كورونا؟ تعبنا!! … اشتقت لماما”. ودائما ما تتردد هذه الكلمات على لسانها كلما ازداد حنينها وشوقها لترتمي في حضن أمها لتتزود من عطفها وحنانها. أمها تعمل في المجال الصحي تخرج صباحا وتعود ليلا منهكة وقد عزلت نفسها في شقتها وتركت أطفالها عند جدتهم بعد تزايد حالات الإصابة بكورونا خوفا عليهم من العدوى وانتقال الفايروس إليهم - لا قدر الله.

آخر في نفس المجال قد عزل نفسه في مجلس أو ملحق في نفس المنزل يعمل ليلاً ونهاراً يراه أطفاله من بعد تحدوه الرغبة والشوق وهم أيضا للسلام والأحضان والقبلات ولكن هيهات فقد فرض عليهم فايروس كورونا التباعد وحرمانهم من القبلات والأحضان.

آخر قد ابتُلي بالمرض وهو يزاول مهنته الإنسانية ويداوي المرضى فأقعده على السرير الأبيض تحيط به الأجهزة لإنقاذ حياته ولكنها تقف عاجزة أمام القدرة الإلهية ودنو الأجل ليرحل ضحية وشهيداً للوطن ومن يرتع على أرضه الطيبة.

معاناة وتضحية إخواننا وأخواتنا في المجال الصحي كبيرة لا يستشعر حقيقتها الكثير منا لبعدنا عنهم واستمتاعنا بحياتنا مع أسرنا وأطفالنا وهذا مايجعل البعض يتهاون بخطورة هذا المرض وسرعة انتشاره وفتكه، فيرمي بالاحترازات خلف ظهره ويأنس ويستمتع بالتجمعات غير مكترث، متوهماً بأن الخطر قد زال مع رفع الحظر والسماح بمزاولة بعض الأنشطة تحت بروتوكولات محددة تحت شعار لنعود بحذر لتعود الحياة تدريجيا لطبيعتها. وما أن تنتهي هذه التجمعات تبدأ الأعراض بالظهور بعد أيام على بعض الحضور ومنهم تنتقل إلى آخرين ولنا أن نتصور العشرات من الإصابات من حالة واحدة لم تستشعر المسؤولية وكان الأولى والواجب الشرعي منها العزل المنزلي وعدم الاختلاط بالآخرين في حال تأكد الإصابة أو الاشتباه حتى يتم التأكد… حينها ندرك الخطر ونعض أصابع الندم ولكن ماذا ينفع الندم عند فقد عزيز على قلوبنا ونحن السبب في ذلك؟!

ونظرا للتقييم المبدئي بعد رفع الحظر وعدد الحالات المتزايدة ربما تحتاج الجهات المعنية التخفيف من وتيرة الفسح السريع في البروتوكولات حتى يستوعب المجتمع الوضع ويتماشى معه بمسؤولية ووعي أكبر.

هذه العودة لاتعني زوال الخطر وإنما تُعول على وعي وثقافة المجتمع لتحمل المسؤولية والتي مع الأسف لاتطمئن ولاتبشر بخير بالنظر إلى المؤشرات وتزايد حالات الإصابة وتجاوزها 4000 حالة يوميا، ولأحسائنا الحبيبة نصيب ونسبة كبيرة منها، فهي في الطليعة تدعو للقلق من تفاقم الأوضاع لو استمر الأمر على ماهو عليه نظرا للمعاناة في توفر سرير بسهولة في أحد المستشفيات.

إننا بحاجة لاستشعار المسؤولية لنُبحر جميعا إلى بر الأمان في وقت قياسي وبأقل الخسائر في الأرواح. وأن نكون عونا ونقدم شكرنا وتقديرنا قولا وعملا لإخواننا وأخواتنا في النطاق الصحي المضَحّين بكل شيء من أجل راحتنا وسلامتنا لكي يعودوا هم أيضا وأسرهم لحياتهم الطبيعية. شكر الله سعيهم وأثابهم على جهودهم المتضافرة، ودعواتنا لهم جميعا بالحفظ والتوفيق.