آخر تحديث: 25 / 4 / 2024م - 6:07 م

الوعي والبصيرة في عملية الإصلاح

حسين أحمد آل درويش

يخفق البعض من - الإصلاحيين - سواء من المفكرين والمثقفين في اكتشاف الحقائق المجهولة التي تتعلق بالواقع الراهن وعدم إلمامهم بشيء من الوعي والبصيرة.. بينما يلتقط الآخرون حتى الإشارات الخفية.. ويتوقفون على الحقائق من وراء حجب الغيب وبما أوتوا من نور الوعي وبصيرة الإيمان.

ما نلاحظه في واقعنا الراهن..أن أكثر الناس يعيشون في سجن التقليد والتقيّد بموروث الأسلاف والأجداد ويخافون من التغيير والتجديد..بينما البعض وهم فئة قليلة جدًا.. ينطلقون في آفاق الإبداع والتجديد وعملية الإصلاح والتغيير.. وهم يعملون على نحو أساسي في إيجاد - حلول واقعية - للمشكلات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي تعاني منها المجتمعات العربية والإسلامية لفترات طويلة.. مع مراعاتهم لثوابت الإسلام ومبادئه الكبرى.. وإن أولئك - الإصلاحيين - لن ينجحوا في مساعيهم وأعمالهم إلا إذا استطاعوا إيجاد تيار شعبي يتجاوب مع أفكارهم وآراءهم.. ويشارك في عمليات الإصلاح والتغيير التي يقومون ببلورتها ورسم حدودها وهذا في حقيقة الأمر يتطلب أمرين أساسيين وهما:

أولًا: إبراز صورة واضحة.. للواقع الراهن الذي يريدون معالجته - تمامًا - كما يفعل الطبيب قبل أن يصف أيّ دواء من الأدوية.. ويجب أن يأخذوا بعين الاعتبار أن تشخيص الداء الاجتماعي.. هو أصعب - بما لا يقارن - من تشخيص الداء الجسدي.. وذلك يعود إلى أن أي توصيف لوضعية اجتماعية معقدة جدًا.. لابد أن يتعاملوا مع المشكلات والأزمات.. بعقل مفتوح وبمرونة ذهنية جيدة.. والاستدراك والتلافي لكثير من النقص والخلل في عمليات التشخيص والتقويم.

ثانيًا: بلورة خطاب يمكن وصفه.. بأنّه من قبيل السهل الممتنع.. خطاب يصور الواقع الراهن بعمق الفكرة وبساطة الأسلوب.. وعمق الفكرة يأتي من الفهم العميق والشامل لذلك الواقع.. وتأتي بساطة الأسلوب من فهم مستويات المخاطبين وخلفياتهم الثقافية والمعرفية ومن المهارة في تطويع الكلمات والدلالات ونشرها على نحو يلامس المفاهيم السائدة والمعروفة في أذهان المخاطبين.

على كل حال.. يجب على - الإصلاحيين - أن يؤكدوا ويثبتوا بأنهم يمتلكون الأفكار والآراء والبدائل التي تخفف من وطأة المشكلات والأزمات التي يعاني منها الناس..ويبرهنوا كذلك أن أفكارهم وآراءهم التي يقدموها تتماشى مع روح العصر وتطوراته ومستجداته.. ولا تتجاهل طموحات الناس وأحلامهم على نحو كامل.

الإبداع والتجديد في إيجاد الحلول.. وعدم ترك المشكلات تتراكم.. والجرأة والشجاعة في تقديم البدائل.. شروط أساسيّة.. لإبقاء أنظار الجماهير متعلقة بالرؤية الشاملة للإصلاح والتغيير.. ومتعلقة بمن يقدمون تلك الرؤية من العلماء والمفكرين والمثقفين الإصلاحيين.

وأخيرًا وليس آخرًا.. فإن محاولة تحقيق الأهداف الكبرى على الساحة العملية.. بحاجة إلى إرادة قوية وثقافة واسعة وتربية هادفة وإعلام مبرمج ونشر الوعي والمعرفة بين أبناء المجتمع الواحد.. بالإضافة إلى كل ذلك أيضًا فإن الإصلاحيين بحاجة إلى الصبر والتحمل والإيمان بالقضية والتمسك والالتزام بالمبادئ والتوكل على الله عز وجل والاستمرارية في المسيرة.