الأسر المنتجة
اليوم وفي ظل التراجع الإقتصادي والقيمة الشرائية لكافة أفراد المجتمع بشكل عام وأصحاب الدخل المحدود بشكل خاص، يحتاج المجتمع والأسر أصحاب الدخل المحدود إلى التفكير العميق وإعطاءه أهمية لخلق بيئة معيشية أفضل بتفعيل الطاقات المهملة والإستفادة منها بشكل أفضل بصقل المواهب والخبرات وتعلم مهنة تعود فائدتها في المساعدة الإقتصادية للأسرة ومواكبة الحياة بشكل أفضل، وهذا وإن كان موجود على نطاق محدود يحتاج إلى تفعيل بشكل أكبر لما فيه خير الأسر، وخصوصًا إمكان الإستفادة من التكنولوجيا ووسائل الإتصال في ترويج مثل هذه السلع.
فهذا ليس خيال وغريب عن حياة الأجداد والجدات وهم يقومون بكافة أعمالهم الحياتية جميعها من زراعة وصناعة ودخول البحر وصناعة السفن في سعادة غامرة وصحة وافرة، لم يحتاجوا في حياتهم إلى خياط أو حلاق أو سباك أو كهربائي حفروا الآبار وشيدوا البناء بتقنيات عالية.
وكان للأسرة مشاركات في حياتهن من صناعة الخبز وخياطة الملابس والقبالة وغيرها الكثير، فالوضع الحالي يتطلب من هذه الطاقات الأسرية التفعيل فمن لم يكن لهن نصيب في إكمال الدراسة أو لم يحالفهن الحظ بعد التخرج بوظيفة، وانتشار البطالة، أن يفكرن جليا في دخول هذا المعترك الحيوي، والمفعم بالخبرات، فالتعليم واكتساب مهارات اليوم متاح من خلال الدخول على المواقع بأنواعها والبحث عن مايناسب تطلعاتهن كوظيفة ثابتة أو كوظيفة مساعدة من أجل زيادة الدخل وتخفيف المعاناة المعيشية، فالتغيير سنة الحياة والتفكير الإيجابي هو الحل مع تطور الحياة، وأن من جد وجد ومن زرع حصد، والوقت هو أثمن مايملك الإنسان إذا إستغل أفضل استغلال.
فالإنتاجية وثقافة العمل وتحمل المسؤولية تكسب المجتمع القوة والأمن الاجتماعي ودفع عجلة التنمية ينعكس أثره على الأسرة ومستقبل حياتها. وعلى قوة المجتمع، وشعور بالقدرة على العطاء وتحمل المسؤولية بأن يكون منتج وفاعل في بناء حياة كريمة.
كثير من العوائل اشتهرت بأسماء المهن التي كانت تقوم بها، وتفتخر بها وهي كثيرة، لكن تطور الحياة الإقتصادية والوفرة المالية تراجعت كثير من المهن وأصبح الناس يعتمدون على العمالة في كثير من شؤون حياتهم، واختفت كثير من المهن، واتجه الناس إلى الأعمال المريحة، وتحول المجتمع إلى مستهلك يعتمد في كثير من أموره الحياتية على الغير.
فاليوم الأسر المنتجة مطلب مُلح باستخدام التقنيات الحديثة وابتكار مشاريع مربحة تخفف عن كاهل الأسر وتوفر متطلبات الحياة، وهذه المسؤولية في الإنتاج تعتمد بشكل كبير على دور المرأة، وهي أهلا لها فمنذ بزوغ الإسلام كانت ولازالت صاحبة شأن في البناء والتنمية رغم محاولة تهميش دورها بثقافات غريبة عن المجتمعات الإسلامية لكن يبقى الأمل في مثل هذه الطاقات بالرقي بأسرهم نحو واقع أفضل تتبؤ فيه المرأة المكانة المرموقة وتقديم الأثر الكبير في بناء واقع يفتخر به، والتصدي من الجميع من أجل حياة معيشية أفضل أمرًا واجب القيام به بالإعتماد الذاتي على النفس بكل ثقه وتطلع أن الأفضل في المستقبل الذي تصنعه الأيدي المباركة.
فالأفكار كثيرة ومتوفرة وبعضها لايحتاج إلى رأس مال كبير، كل مايحتاجه الإرادة والثقة بالنفس، سواء في مجال صناعة الأطعمة بمختلف أنواعها وأشكالها إلى الأعمال اليدوية والفنية وصولا إلى كثير من العلامات التجارية التي يمكن تسويقها من خلال الأسر المنتجة.
ويبقى الدور على المجتمع في دعم ومساعدة وتشجيع الأسر المنتجة والمساعدة في الترويج لهذه المنتجات، لتحل البركة في هذا المجتمع وتتناقص مستويات البطالة، فليعمل الجميع على تكريس هذه الثقافة، مع الأمنيات بالخير الوفير والحياة الكريمة لهذه الأسر الفاضلة.