آخر تحديث: 19 / 4 / 2024م - 7:41 م

3 أسئلة جوهرية لاختيار المدير القائد

عبد الله العوامي *

ترجمة وبتصرف: عبدالله سلمان العوامي

بقلم السيد جوش بيرسين Josh Bersin وتوماس تشامورو بريموزك Tomas Chamorro-Premuzic
المصدر: مجلة هارفارد بزنيس ريفيوHarvard Business Review حسب الرابط أدناه.
تاريخ النشر: 27 أغسطس 2019م

يجب توظيف القيادات الإدارية على أساس ما يمكنهم القيام به حاليا، وليس بسبب ما أنجزوه سابقا.

لقد مرت خمسون سنة من اصدار نشرة مبدأ بيتر The Peter Principle، لكن هذا المبدأ لا يزال مفعوله ساريًا حتى اليوم. لقد أشار السيد لورانس جيه بيتر Laurence J. Peter، المربي وراء هذا العمل الشهير، حيث قال: ”في الوقت المناسب، تسير كل وظيفة إلى اشغالها بموظف غير كفؤ للقيام بواجباتها“. تفترض نظرية السيد بيتر أن معظم الأشخاص الأكفاء يتم ترقيتهم تباعا حتى يصلوا إلى منصب أعلى من مستوى مهاراتهم وقدراتهم، وعندها يتوقفون عن النمو.

تظهر الدراسات الأكاديمية أن الترقيات الوظيفية لا تزال إلى حد كبير تعتبر تقديرا ومكافأة للأداء السابق للموظفين، وأن المؤسسات والشركات تستمر في تحميل السمات والصفات التي جعلت شخصًا ناجحًا حتى الآن سوف تجعله أيضا يستمر بنفس النجاح في المستقبل «حتى ولو تغيرت مسؤولياته». وهذا الاستنتاج يفسر بوضوح سبب وجود عدد كبير من المدراء القادة غير الأكفاء.

لذلك تحتاج المؤسسات والشركات التي ترغب في اختيار أفضل الأشخاص للأدوار القيادية إلى تغيير كيفية تقييم المرشحين. في المرة القادمة التي يشغر فيها منصبًا إداريًا، اطرح على نفسك ثلاثة أسئلة:

السؤال الأول: هل المهارات التي يمتلكها المرشح تساهم في أداء عمله بشكل فعال أم هذه المهارات تساهم بالقيام بدوره كقيادي فاعل؟

يتم قياس مستوى أداء الأفراد إلى حد كبير من خلال قدرتهم، ومقبوليتهم، وقيادتهم. على النقيض من ذلك، تتطلب القيادة مجموعة واسعة من السمات الشخصية، تشمل مستويات عالية من النزاهة ومستويات منخفضة من سلوكيات الجانب المظلم التي تولد من سمات سلبية مثل النرجسية أو الاعتلال النفسي «سايكوباث».

يفسر الفرق بين مجموعتي المهارات هاتين السبب وراء أن عظماء الرياضة غالبًا ما ينتهي بهم المطاف ويكونوا مدربين متواضعين «والعكس بالعكس»، ويفسر أيضا لماذا تفشل الكفاءات ذات الأداء العالي في النجاح عند تقلدها المناصب القيادية.

نعلم جميعًا أن أنجح مندوبي المبيعات ومطوري البرامج وسماسرة الأسهم «وسطاء الأوراق المالية» لديهم مهارات فنية استثنائية، في معرفتهم الوافية في مجال العمل، والانضباط، والقدرات على الإدارة الذاتية. ولكن هل يمكن استخدام هذه المهارات نفسها لجعل مجموعة من الناس تتجاهل أجنداتهم الأنانية والتعاون بشكل فعال كفريق؟ والاجابة: على الاغلب تكون: لا.

يحتاج المدراء القادة إلى الحصول على مستوى معين من الكفاءة التقنية لإثبات مصداقيتهم، ولكن الكثير من الخبرة في مجال واحد فقط يمكن أن يكون عائقاً لهم. غالبًا ما يعرقل الخبراء هي عقلياتهم الثابتة وآرائهم المركزة والضيقة، والتي نتجت عبر تراكم خبراتهم لسنوات. لكن القادة العظماء قادرون على البقاء منفتحين والتكيف بغض النظر عن مدى خبرتهم. وهؤلاء القادة العظام نجحوا لأنهم قادرون على التعلم باستمرار.

وقد ثبت ذلك في العديد من المواقف، لا سيما في مجال المبيعات. وجدت دراسة أكاديمية حديثة لأكثر من 200 شركة، أن الأداء كمندوب مبيعات ارتبط سلبًا بالأداء كمدير مبيعات. إذا قمت بترقية مندوب مبيعاتك المتفوق في المجموعة إلى درجة مدير، فأنك تخلق مشكلتين: 1» تفقد مندوب مبيعاتك الأعلى أداءً، و2» تحصل على مدير ضعيف.

السؤال الثاني: هل يمكنني الوثوق حقًا بمقاييس الأداء الفردية لهذا المرشح؟

المؤشر الأكثر شيوعًا لأداء شخص ما هو التقييم الذاتي الفردي من قبل مديره المباشر. وهذا يجعل مقاييس الأداء عرضة للتحيز والمحسوبيات وقدرة الموظف على الترقية الإدارية. على الرغم من نمو إدارة الأداء القائمة على الأقران وشبكة العلاقات، إلا أن هذه القاعدة لا تزال في مهدها. ونتيجة لذلك، قد لا تكون مقاييس الأداء هذه موثوقة كما تعتقد.

هذا هو السبب في أن الميول الى ترقية المرأة لا يزال أقل من ترقية الرجال، حتى لو كان أدائها متطابقًا مع الرجال. تقوم العديد من المنظمات الإدارية من مؤسسات حكومية وشركات تجارية بترقية أشخاص إلى مناصب قيادية لأنهم استطاعوا الى ”خلق الانطباع الصحيح“ عند الادارة، حتى لو كانت مساهماتهم الفعلية ضئيلة.

إذا سألت نفسك السؤال الثاني أعلاه، وكان الجواب ”لا“، اصرف بعض الوقت للتفكير في شكل القيادة الادارية الكفؤة التي ترغب في تسنمها مناصب قيادية مهمة في شركتك. هل تبحث عن مدراء قادة يمكنهم تحقيق نتائج رائعة؟ ويستطيعون جمع الموظفين على تفكير متناغم؟ ويستمعون ويطورون الآخرين؟ أم أنك تبحث عن مدراء قادة يمكنهم التواصل والابتكار والمساعدة في تطوير الأعمال؟ تحتاج كل شركة إلى أنواع مختلفة من المدراء القادة وفي أوقات مختلفة، ولكن قد لا يكون الشخص الذي يؤدي أداءً جيدًا في دوره الحالي هو الشخص المناسب لمساعدتك في تحقيق أهدافك الأكثر إلحاحًا.

السؤال الثالث: هل أنا أتطلع إلى الأمام أم إلى الوراء؟

سر اختيار القادة العظماء هو قدرتهم على التنبؤ بالمستقبل، وليس بتقديرهم بإنجازاتهم في الماضي. تواجه كل منظمة ادارية مشكلة في كيفية تحديد الأشخاص الذين يعول عليهم قيادة أقسام العمل بسبب تزايد التعقيدات وعدم اليقين والتغييرات داخل الشركة. قد يكون لهؤلاء الأفراد ملفًا شخصيًا مختلفًا تمامًا عن أولئك الذين نجحوا في الماضي، وأيضا عن أولئك الذين نجحوا في الحاضر.

تجنب الترقيات نهائيا التي تكون على أساس ان الموظف يمتلك الثقافة الملائمة ويستوعب السياسة العامة للشركة. على الرغم من أن لديك نوايا حسنة في القيام بذلك، إلا أنه غالبًا ما يؤدي إلى نقص في تنوع الأفكار وتكريس نماذج من القيادات البالية. في عالم اليوم المتغير باستمرار، من المتوقع أن تنمو الأعمال التجارية بسرعة نمو التقنيات المحيطة بها. يجب أن يمتلك المرشحين نماذج قادرة في التحول المستمر.

الاعمال والاجراءات التي نجحت في الماضي والتي لازالت فاعلة في الوقت الحاضر قد لا تكون صالحة على الإطلاق في المستقبل. إذن، تحتاج الشركات، إلى الحصول على تفكير أكثر راحة ومرونة خارج الصندوق. وهذا يعني تمكين ”أشخاص غير مناسبين“ أو ”أشخاص يفكرون بشكل مختلف“ ووضعهم في أدوار قيادية. امنحهم الدعم والوقت لكي يثبتوا أنفسهم. هذه مجرد احدى الطرق تساعدك في تعميق خطوط أفكارك القيادية المستقبلية.

يجب عليك أيضًا إلقاء نظرة إضافية على الأشخاص الذين ”قد لا يكونوا جاهزين“، ويجب تحليلهم على أساس طموحهم وسمعتهم وشغفهم بالعمل. غالبًا ما يتحول الأشخاص الأصغر سنًا، والأكثر نشاطًا، والأكثر ثقة إلى قادة مذهلين، على الرغم من أن سجلهم قد لا يكون الأفضل. السيد مارك زوكربيرج Mark Zuckerberg، أحد أنجح الرؤساء التنفيذيين منذ عقود وبمختلف المقاييس، لم تكن لديه أي خبرة ادارية تقريبًا قبل أن يبدأ في شركة فيسبوك Facebook. بالإضافة الى السيد ستيف جوبز Steve Jobs الذي لم يدير شركة كبيرة قبل شركة أبل Apple، ومع ذلك كانت لديه رؤية واضحة، وشبكة علاقات، ودافع قيادي أستطاع أن يجعل شركة أبل اسمًا مألوفًا ومرموقا.

حان الوقت لإعادة التفكير في مفهوم القيادة. إذا تحركت إلى أبعد من الترقيات، ولمن يتمتعون بأكبر قدر من الكفاءة وبدأت في التفكير أكثر في أولئك الذين يمكنهم الوصول بك إلى المكان الذي تريد الذهاب إليه، فإن شركتك سوف تزدهر. بعبارة أخرى، ابدأ في التفكير في أولئك الذين لديهم إمكانات عالية، وليس فقط أولئك الذين الأفضل أداءً.


الكاتبان:

السيد جوش بيرسين Josh Bersin هو مؤسس شركة Bersin من شركة Deloitte، والتي أصبحت الآن أكاديمية جوش بيرسين، وهي أكاديمية تعنى بالبحث والتطوير المهني لمدراء الموارد البشرية ورجال الأعمال. السيد جوش بيرسين محلل أبحاث عالمي، ومتحدث عام، وكاتب حول مواضيع الموارد البشرية للشركات، وإدارة المواهب، والتوظيف، والقيادة، والتكنولوجيا، والتقاطع بين العمل والحياة. هو مؤلف كتاب التعلم المختلط The Blended Learning Book

السيد توماس تشامورو - بريموزك Tomas Chamorro-Premuzic هو كبير علماء المواهب في شركة ManpowerGroup، وأستاذ علم النفس التجاري في كلية لندن الجامعية وجامعة كولومبيا، وزميل في مختبر تمويل المشاريع في جامعة هارفارد. وهو مؤلف كتاب لماذا يصبح الكثير من الرجال غير الأكفاء قادة؟ «وكيفية إصلاحها» Why Do So Many Incompetent Men Become Leaders? «and How to Fix It»