آخر تحديث: 18 / 4 / 2024م - 1:06 ص

تعظيم الفوائد والقناعة بوجود تعددية

صادق راضي العلي *

لست هنا في وارد الكلام عن فوائد الاختلاف في كل ما يخص شئون البشر وتفاصيل حياتهم، رغم قناعة الناس وحديثهم في العادة حول أهمية التنوع والاختلاف، وأن الطبيعة البشرية تتطلب هذا التنوع، لكن عوامل الانقسام وحالات الاختلاف في الأزمات والمصاحبة لأي حدث ستبقى قائمة في أي مجتمع مهما بلغ هذا المجتمع من تقدم وتطور، ومهما كانت المشاكل معقدة تبقى هناك حلول.

فمنذ زمن طويل كان ولا زال البعض ينظر إلى حالة الاختلاف في الآراء والأفكار وتشخيص بعض المواقف بين علماء الدين على أنها حالة غير صحية، ادخلت المجتمع في خلافات وصراعات، وربما وُصم هذا الاختلاف في التعامل بالتخلف أو ضمن ردات الفعل الارتجالية غير الموزونة، وأنه لا بد حتى تكون المجتمعات ناضجة عليها أن تصل إلى درجة عالية من الاتفاق في الأفكار والمواقف خصوصا بين العلماء باعتبارهم كتلة واحدة، أو مطالبتهم بالمساهمة في مواكبة التحديات لمعرفتها والمشاركة من خلالها بما يخدم الساحة بالشكل الصحيح والممكن.

إضافة إلى أن البعض وللخروج من أي عمل أو لتبرير عدم التفاعل مع أي قضية اجتماعية أو دينية بسيطة وليست في وارد الإفتاء، كان يشير إلى أهمية الرجوع إلى الحوزات العلمية ومجالس الخبراء، أو المرجع الديني كونه هو المخول في رجاحة العقل وفي إبداء الرأي وإصدار الفتوى، ولا حاجة لاجتهادات العلماء أو إعمال عقولهم فيما يخص شئون حياتهم الدينية والاجتماعية وما يتعلق بها.

الآن ونحن في زمن جائحة كورونا واجهت الساحة اجتهادات متعددة لأطباء واستشاريين وممارسين صحيين كانت تشخيصاتهم مختلفة، وليست كلها في وارد الاتفاق، بحيث بدى واضحا كيف أن لكل طبيب أو مختص نظرته التي يراها في التعامل مع الجائحة وفقا لمعطياته، إما مع درجة قوتها وتأثيرها أو من جهة الاحترازات الوقائية وطرق التعامل الصحيح معها، أو من خلال إعطاء تصور حول ما يشاهدونه في المراكز الصحية من تدفق هائل للمرضى، أو عبر تجربة طبيب أصيب بالمرض وعايشه بشكل مباشر، وهذا كله ربما يعود إلى مستوى الخبرة وعمق التجربة ونسبة اطلاع كل طبيب على مستجدات الأحداث عالميا، أو البحوث الصادرة من المعاهد والمراكز الطبية.

وبالرغم من وجود جهة صحية متمثلة في وزارة الصحة ومرجعية ممثلة في وزيرها ومجلس خبراء، إلا أن الأطباء والطواقم الطبية بحكم تعلق الجائحة باختصاصهم فهُم ضمن هذه الحالة يساهمون بأفكارهم وبما يرونه مناسبا من حلول للخروج من هذه الأزمة.

تماما كما هو تعامل رجال الدين في اختلافهم حول أي قضية دينية تخص شئون المجتمع وما يرتبط به، ولكن الآن ومع هول الجائحة وانعكاسها المستمر والمتفاوت عالمياً نجد البعض يُغفل الكلام عن النمط المشترك والخُلاصات المهمة التي يمكن الأخذ بها في هذه الحالة أو مناقشتها موضوعياً، وأعتقد بأن هذه التجربة جعلت أهل العلم من أطباء وعلماء وغيرهم أكثر قدرة على الفهم والمساهمة والتعاون بينهم على شكل فرق ومجموعات، تضم مختلف التخصصات العلمية لدراسة ومعالجة المشكلات المعقدة والطارئة المرتبطة بمجتمعاتهم، الأمر الذي ربما يساعد في اتخاذ القرارات بشكل أفضل على المدى المنظور.

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 1
1
مواهب
5 / 8 / 2020م - 2:00 ص
أحسنت
الأحساء - الرميلة