آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 10:36 م

أقبل الشهر المحرم

عبد الرزاق الكوي

بعد أيام قليلة يدخل على المؤمنين والموالين شهر محرم الحرام يوم العطاء والكرامة الخالد، وإقامة الدين القيم، ينادي الحسين فيه «هيهات منا الذلة»، معلنًا يوم الكرامة العالمي للإنسانية بأوجه متعدد المعاني من الأخلاق والمبادئ الإنسانية والدفاع عن الحق أو الموت دونه، إلى كثير من القيم إشتملت عليها فاجعة كربلاء.

الجميع ينتظر أيام عاشوراء الأزلية والباقية في النفوس وليس غيرها باقِ، برزاياها وعطاياها، بدمائها وما إنبثق من هذه الدماء عطاء ورحمة وبركة تهون في مصيبة الامام الحسين كل المصائب، ويذهب كثيرون على مر الأيام والسنين ويبقى الامام الحسين كمشروع وحياة وواقع مستمر، فجرت الدماء الطاهرة في كربلاء أنهر من الحياة الكريمة وأعطت للدنيا معنى جميل وواقع معاش بعزة الحسين وماقدم.

الحسين بعطاءه أكبر من دمعة وأكثر من شهادة، وأوسع من مجلس وأقدس من مرقد، وأعلى من كل صوت، هو تجسيد رباني خلق من أجل يوم كربلاء ليكون راية خفاقة للحق لم تسقط ولن تسقط أبدًا، طهارة مشت على الأرض لتبقى خالدة في تراجيديا عظيمة وقصة بدأت ولن تنتهي كشجرة معطاءة لاينقطع ثمرها، سقيت بدماء طاهرة، واحتوت أجساد قدسية، تجسدت فيها النبل بأعلى مقاييسه، والكرامة التي لامست عنان السماء، فدم أرواح زكية هم أعظم من على هذه الأرض وأشرف الخلق، تجسدت فيها كل المآسي وكل العبر الخيانة من الأعداء والأمانة والصدق من الأصحاب، العار من الزمر المجرمة والفضيلة والولاء من مجموعة أبت الا الإنتصار، فانتصرت وبقت وإنتهى أعدائهم إلى حيث هم.

سلبت بنات الرسالة لتبقى نساء المسلمين مصانة، بعفافهم وكرامتهم كانت النساء الصيحة واثمرت الصيحة نصرًا آخر ليكمل مسيرة عاشوراء وأن تصل هذه الصرخة لكل النساء كانت زينب من أجل كل النساء فكونوا اليوم من أجل زينب وفي طريقها الخالد والشجاع.

لتمتزج العبرة مع العبرة، لتكون الراية عالية والحق يعمل به، والباطل ينهى عنه، فالحسين أعطى وقدم نفسه ليبقى الدين عزيز والأنفس مصانة، قدم الغالي والنفيس من أجل حماية الدين ويبقى هذا الدين في القلوب وليس كشعار قالها الإمام الحسين «حدثوا شيعتنا بما جرى علينا» ماجرى ليس قصة كتبت من أجل أن تقرأ، قصة كتبت لتعاش ولتتفاعل معها الأجيال جيلا بعد جيل. لن تكون فقط دمعة، ولاشعار يردد إنها حياة تعاش في كل الحياة والواقع المعاش والتعامل اليومي.

كانت يد الحسين كنفسه الطاهرة نظيفة لم تلوث أو يضع يده في يد أعداء الدين والمجرمين والمنافقين، فهو من حجور طابت وطهرت، وتؤثر مصارع الكرام على طاعة اللئام. كان على درب الحق منذ خلق عاش هذا الطريق بثوابت لاتتغير وقيم لتبقى خالدة رغم وعورة الطريق ومشقة الدرب وقلة الناصر.

هكذا هو الحسين ومن أجل هذا العظيم كانوا محبيه وعشاقه يحيون مآتمهم في القلوب قبل المجالس، يسكبون أنهر من الدموع حزنًا وارتباطًا تتجدد هذه المصيبة كل يوم وتبلغ دروتها في أيام عاشوراء بحزنها ويتألم الجميع ويصل في القلوب المؤمنة وأصحاب القرب الصادق إلى الجزع فكل جزع مكروه الا الجزع على الإمام الحسين، هذا الولاء قربة يتقرب بها إلى الله تعالى ومواساة للزهراء وجدها وبعلها، جل أهل البيت قدموا أنفسهم للدين شهداء وللإسلام فداء، كانوا بين أهلهم ومحبيهم وأصحابهم لقوا رعاية قبل دفنهم، الا الحسين مزق الجسد وقطع الرأس وبقى صريعًا مضرجًا بدمه على أرض كربلاء وبنات الرسالة سبايا، إنه عظمة الأجر والثواب والمكانة ليبقى نموذج لكل راية حق والدفاع عن القضايا المحقة أو الموت من أجلها.

فالتاريخ يشهد أن من يمشي على خط الحسين هم أصحاب العزة والكرامة والعيش الكريم، نورهم يمشي أمامهم، في الدنيا وذكراهم باقية تلهج بالدعاء لهم، أعطوا الحسين حبًا صادقًا، ورزقهم الله حبًا منقطع النظير

كانوا في خيار بين السلة والدلة فأختاروا أن يكونوا مع الامام الحسين والحسين ع على خطى جده المصطفى صل الله عليه واله القائل:

«لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في شمالي على أن أترك الأمر ماتركته حتى يظهره الله، أو أهلك دونه»

هنيئًا للعاشقين والمتمسكين الصادقين على درب الحسين أن يكونوا معه ويهلكو دونه، فائزين مستبشرين وكأن مناديهم ينادي:

«حب الحسين أجنني» وهذا الجنون والعشق قليلا في حق الحسين بما أعطى وقدم وضحى..