آخر تحديث: 16 / 4 / 2024م - 2:09 م

توصيات ما قبل موسم الحسين

الدكتور عمرو العمران *

مع اقتراب أيام الحسين والتي تصادف كذلك بداية تجهيزات العودة للمدارس، ارتفعت الأصوات وكثرت الآراء حول ما يجب أن يكون عليه الوضع بسبب جائحة كورونا.

أنا هنا سأشارككم التفكير بصوت «ليس عالي» ولا اقصد منه التقليل من شأن أي فئة من المجتمع لا سمح الله ولا انتقاد رأي بل اقتراحات وتوصيات فيما يتعلق بالمرحلة.

اولاً: مما لا شك فيه أن راية الحسين توحد جميع أفراد المجتمع بمختلف أطيافهم ورؤاهم، وكانت ومازالت وستكون دوما كذلك والحرص على اقامة الشعائر في أيام عاشوراء أمر فوق كثير من الاعتبارات.

ثانيًا: المرجعية الوحيدة لأي إجراءات في مواجهة الجائحة هي ”وقاية“ والتي اثبتت وبجدارة قدرتها على تولي المسؤولية الملقاة على عاتقها من خلال مراجعة المستجدات من أدلة علمية وصياغتها بما يتناسب مع الثوابت الشرعية والقيم المجتمعية.

وبناء على ما سبق سنحاول إيجاز ما تم طرحه من آراء بخصوص عاشوراء الحسين .

1 - حضور المجالس العاشورائية بالنسبة لنا من المسلمات الضرورية لكافة الأفراد وفئات المجتمع وطبيعي جدا أن تكتظ الأماكن بهم، وفي هذا السياق توصيات ”وقاية“ حثت أبناء المجتمع إلى تجنب الخروج من المنزل إلا للضرورة وتجنب التجمعات مهما أمكن، وهنا لابد من الإشارة أن وقاية دقيقة جدا باختيار العبارات في توصياتها وتحاكي واقع المجتمع وتتلمس ما يعيشه الأفراد، فلم تذكر كلمة ”يمنع“ الخروج أو ”تحظر“ التجمعات

وعليه أن نقول عكس هذا الرأي يعني التغريد خارج السرب وبما يخالف ما يعيشه وينتظره الأفراد في الأيام العادية ناهيك عن أيام محرم الحرام.

2 - التوصية بمنع الحضور لإحياء المجالس والاكتفاء بالنقل المباشر لشهر محرم وكذلك استمرار إغلاق دور العبادة على أمل وصول اللقاح خلال الفترة القادمة رأي يُحترم.

ولكن هذا ليس حل فقط تصرف مؤقت، بالمقابل فإنه لا يوجد لدى جميع المسلمين أشرف وأعلى شأناً من بيت الله الحرام والمسجد النبوي؛ صحيح أن ”وقاية“ وجهت بالإغلاق في بداية الجائحة وإنما فتحت الأبواب لاحقا ووضعت الشروط ونفذت الإجراءات الاحترازية لضمان السلامة، ولذا أعتقد أن يكون طرح الأمر بكيفية تطبيق هذه الخطوات لدينا بدلا من الدعوة للاستمرار بالإغلاق.

ولننظر من زاوية أخرى، لنفترض جدلا التزام القائمون على المساجد والحسينيات باستمرار الإغلاق وبالفعل وصل اللقاح، لكن كان دون التوقعات أو غير الفيروس من تركيبته الجينية «وهذا ما يخشاه العالم» واستمر الوباء سنة أو أكثر، عندها هل سيستمر إغلاق دور العبادة والحسينيات طوال المدة.

فإذا التزم المجتمع بالتوصيات الآن، فتأكد لن يستمروا بالعمل بها بعد شهر أو أكثر.

3 - أن يقتصر الحضور لأداء الفرائض بالمساجد وكذلك المجالس للفئات الشبابية والتي تتمتع بصحة جيدة مع الالتزام بالإجراءات الوقائية، رأي يُحترم ويتماشى مع توصيات ”وقاية“ والتي أكدت من خلالها أن الفئات الأكثر عرضة لمضاعفات الوباء إذا لا سمح الله اصيبت به هم كبار السن أو من لديهم أمراض مزمنة.

هنا لابد من تحديد الحد الأعلى من العمر والذي يفصل بين فئة ”الشباب“ وفئة ”كبار السن“. بحسب الادلة العلمية فإنه من بعد سن الخمسين تزداد نسبة الوفيات بسبب الإصابة بفيروس كورونا، بمعنى آخر أن يقتصر الحضور لمن هن دون الخمسين سنة.

دعونا نترجم هذا الأمر على مجتمعنا

اولاً: أغلب الخطباء - حفظهم الله وأعلى مقامهم - والذين يلتف حولهم السواد الأعظم من أبناء المجتمع تتعدى أعمارهم الخمسين، ناهيك عن القيمين على المساجد والمجالس.

ثانياً: بحسب جميع الأدلة والدراسات العلمية أن الإصابة بداء السكري أو ارتفاع ضغط الدم وحتى الجمع بالاثنين يبدأ في عمر الشباب ويستمر بمدة زمنية لا تقل من سنتين إلى ثلاث سنوات، وحتى أكثر من ذلك دون أن يعرف الشخص بإصابته لعدم وجود أي أعراض أو مضاعفات، ولذا بالفعل هل يكون المستمع من فئة الشباب ويتمتع بصحة جيدة سيكون في مأمن إذا حضر المجالس، هذا طبعا إلى جانب أن نسبة كبيرة من الخطباء أنفسهم ابتلوا بالأمراض المزمنة وهنا سيكون الخطر مضاعف بالنسبة لهم.

لذا اعتقد «رأي خاص بي» أن يتم طرح اقتراح فقط ممن هم من غير الفئات الأكثر خطورة والاقتصار على حضورهم أيضا صعب وصعب جدا تطبيقه.

هذا إذا فكرت معكم بحضور المجالس فما بالك بإقامة شعائر العزاء.

إذاً ما هو الحل أو الحلول، شخصيا لا أملك إلا الدعاء بزوال هذه الغمة بفرج عاجل ورحمة من أرحم الراحمين.

لكن لابد على الأقل توظيف ما وصل لنا من علم تجاه هذا الفيروس ومشاركتكم به، والقصد هنا الأخذ بالاحتياطات والإجراءات الوقائية إنما بمنظور مختلف قليلا وسأبين لكم المقصود من خلال الطرح التالي

من باب التوضيح وليس التشبيه، متعارف لدينا أن هنالك اختلافات قد تكون بسيطة أو عميقة في المسائل الشرعية والأحكام لدى مراجعنا أدام الله ظلهم ورحم الماضين منهم، وأن البعض يكون أكثر تشددا في الأحكام الفقهية حسب ما يظهر له من الأدلة، - وهذا هو المطلوب منا - بحسب رأي الشخصي - أن نعمل على تطبيق ما أوصت به ”وقاية“ بتشدد كالتالي:

1 - التباعد الاجتماعي فما زال حتى الآن يعتبر خط الدفاع الأول للجميع، والتوصيات أن يكون ما بين متر ونصف إلى مترين.

والاقتراح أن يلتزم القائمون على المساجد والحسينيات بأن تكون المسافة المحسوبة لا أقل من مترين إلى مترين وعشرين سنتيمتر.

2 - لبس الكمام بمختلف أنواعه لمن يريد الخروج من المنزل، وقد أكدت ”وقاية“ على ضرورة المحافظة على الكمام مع إمكانية إعادة ارتدائه وشرحت بإسهاب كيفية لبسه ونزعه، وبنفس الوقت خصصت أنواعاً محددة إلى العاملين الصحيين ومن بحكمهم في مواضع معينة أثناء التعامل المباشر مع المصابين والمقصود كمام «95 - 99» المعروف باسم «N95 - N99».

والاقتراح أن يلتزم من يود الحضور للمجالس متضمنا من سيقوم بتنظيم تلك الأماكن باستخدام هذه الأنواع الخاصة في تلك الأوقات فقط والعودة لاستخدام الكمام العادي من بعد ذلك.

3 - استغلال هذه الأيام لعمل فحص وتحاليل للتأكد من عدم وجود بوادر الإصابة بارتفاع ضغط الدم أو السكري وبالذات ممن سبق إبلاغهم بذلك قبل فترة من الزمن واختاروا تجاهل هذا الكلام لعدم وجود أعراض.

4 - عمل مسحة لفيروس الكورونا من خلال عيادات ”تطمن“، وهنا لابد من توضيح أمر مهم، أن يقوم بالفعل من ينوي حضور المجالس بعمل تلك المسحة بفترة زمنية لا تزيد عن خمسة أيام من بدء شهر محرم حتى يضمن ظهور النتيجة من جهة ومن جهة أخرى لو لا سمح الله كان لديه الفيروس قبل أو بعد المسحة ستظهر عليه بوادر الإصابة فيمتنع عن الخروج.

5 - العمل على تهوية المكان؛ وهذا أمر حتى اللحظة تؤكد عليه ”وقاية“ بخصوص المكان المخصص للعزل المنزلي، وهنا سنأخذ كذلك جانب التشدد بأن تكون المكيفات بخاصية تجديد الهواء، مع وجود مراوح للشفط تغطي زوايا مختلفة ولربما حتى ابقاء عدد من النوافذ مفتوحة بمقدار اصبعين على الأقل والباب الخارجي، بلا شك هذا الأمر سيؤدي إلى انخفاض كفاءة التبريد ولكنه سيعطي فرص أكبر للمتواجدين بالمكان في الحماية من الفيروس.

6 - أن تقوم اللجان المعنية بإدارة المآتم والمساجد بتنظيم عملية الدخول والخروج من المكان تجنبا للاكتظاظ والتزاحم، وأن لا يصبح الهاجس لديهم بقياس حرارة الجسم والتي يوجد عليها ملاحظات مبنية على الدراسات العلمية بعدم الحصول على الهدف من عملها على نطاق واسع.

7 - النظافة الشخصية متضمنة المناديل الورقية أثناء تواجد المستمعين تكون مخصصة لكل شخص والتأكيد على أن يتخلص منها بنفسه في المكان المخصص لذلك.

اسهبت الكلام، وحاولت جمع ما افكر فيه واشارككم به لعظم وأهمية عاشوراء الحسين

وأخيراً ”السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى ابناء الحسين وعلى اصحاب الحسين ابداً ما بقيت وبقى الليل والنهار“.

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 1
1
محمد عبدالمحسن
[ الدمام ]: 10 / 8 / 2020م - 9:24 م
لعل الكاتب الكريم يقصد مراكز " تأكد " وليس
" تطمن " وذلك لأن مراكز تأكد مهمتها التعرف مبكرًا على المصابين ممن لم تظهر عليهم أعراض، حسبما هو موضح في تطبيق " صحتي " التابع لوزارة الصحة.
مع الشكر والتقدير للكاتب لتوعية المجتمع بمثل هذا الطرح الجميل..!!..
استشاري طب اسرة - منسق البرنامج الوطني لمكافحة داء السكري بالشرقية