آخر تحديث: 20 / 4 / 2024م - 2:34 ص

المجالس الحسينية

عبد الرزاق الكوي

يعيش الموالون في هذه الأيام بين أخذ ورد وتداول الأفكار مع الأمنيات بإقامة المجالس الحسينية والجميع يتمنى ذلك ويدعوا من الله سبحانه وتعالى أن يتحقق هذا الأمل ولكن وجهة الأخصائيين الصحيين وواجبهم الاجتماعي والواجب الشرعي من قبل المراجع الكرام بحفظ الأنفس من الوباء، فالأمر ليس بالسهل على الجميع بشتى طبقاتهم ومستوياتهم أن يحرم الحضور مصاب الإمام الحسين فالمواقف متباينة من أجل إقامة الشعائر وحضور المجالس الحسينية مجالس الإباء والرفعة والسمو وبين العائق الصحي وخطر الوباء وضعف الإمكانيات في قيام المجالس الحسينية بطريقة صحية وسليمة.

فالأمر ليس شخصيًا يتخذ بشكل فردي بل يجب إتباع الضوابط الصحية ومايتبعه من تشريع من قبل المراجع العظام، فالوباء معروف خطره فليسأل من ابتلي به مع الأمنيات للجميع بالصحة والسلامة من هذا الداء الخطر والخفي، لاتعرف من أين يأتي وكيف ينتقل، فالموالين لم تمنعهم على مر التاريخ وتكالب الظروف عن إقامة المراسم العاشورية وديمومتها حتى وصلت إلى هذه القوة والحضور المليوني في عاشوراء وأربعينية الإمام الحسين فقد قام أعداء الإمام الحسين وأعداء الإنسانية بالتنكيل والقتل والتفجير من أجل إسكات صوت الحق فقدم الموالون أنفسهم فداء لإقامة الشعائر وزيارة الإمام ، لكن مع وباء كورونا يختلف الأمر فخطر هذا الوباء ليس على الفرد فقط بل خطره يتعدى الفرد إلى الأسرة والعائلة والمجتمع بسبب شخص واحد يحمل هذا الوباء معز أخذه الإحتياطات وإتباع الإرشادات لازال هذا الوباء يضرب بقوة.

فقد المجتمع أشخاص أعزاء فالمصاب جلل وعظيم والقلوب تواقة إلى إقامة هذه الشعيرة المقدسة فالحزن والحسرة مضاعفة وأكثر حزنًا وأشد ألمًا حسرة لايضاهيها حسرة فالمقصر ينتظر هذه الأيام ليسمو بنفسه ويطهرها ببركة مجالس الامام الحسين ، والعشاق يعيشون على أمل أن تعانق أرواحهم روح الإمام ، فالمشاعر والأحاسيس كلها تعيش على هذا الأمل شوقا إلى لقاء الحسين والتشرف بحضور المجالس الإيمانية وتجدد الولاء والإرتباط ومواساة سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء .

فالقرار إما إقامة الشعائر مع إحترازات تحتاج إلى كوادر وإمكانيات لا توجد في أكثر الحسينيات والمآتم القيام بها لصغر المكان وعدم مناسبته مع وجود الوباء وأكثر صعوبة في المآتم النسائية، يمكن أن يصل الأمر في عدم الإلتزام إلى اعتبار إلقاء النفس بالتهلكة، وزيادة على ذلك نقل الوباء للآخرين لاطاقة لهم بهذا الوباء بسبب قلة مناعتهم وأمراضهم المزمنة وكبر سنهم، فهذه مسؤولية شرعية وإنسانية وأخلاقية وقانونية.. فالأمر لايتعلق بالفرد حتى يتخذ القرار بل بمصلحة مجتمع وصحته وحمايته من هذا الخطر، فقيم الإمام الحسين سوف تصان ومشروعه المبارك سوف يستمر وهدفه العظيم سيبقى والعشاق لن يتخلوا عن هذا الدرب الذي وجد ليبقى منارًا للحق وحافظًا للدين.

فإن اقيمت هذه الشعيرة تحت ضوابط وإحترازات مشددة وعلى نطاق محدود ووفق القواعد الصحية من تباعد وغيرها وقد تمنينا ان تتكاتف الجهود في هذه السنة وتتحد المجالس من اجل قيام مآتم محدودة تحت ضوابط مشددة وتحت إشراف كوادر صحية متخصصة وشباب من الكشافة وكوادر تواقه لخدمة الامام الحسين تحت مظلة خيمة كبيرة تهئ من أجل احياء مراسم عاشوراء.

يجب في ظل الظروف غير الواضحة والمتجهة لعدم إقامة المجالس الحسينية على شكل جماعي تفعيل إقامة المجالس على نطاق أسري وعائلي محدود وبالطبع مع الإحترازات المشددة للوقاية من هذا الخطر الماثل.

فالتهيئة الروحية والإستعداد النفسي يجب أن يكون في أعلى مستوياته وارتباط لايقل عن السنوات الماضية أن يكون الجميع أكثر قربا وأعظم إحياءً لتجديد الولاء على أمل اللقاء في المجالس المباركة في الأيام المقبلة في ظروف أفضل وأسلم والجميع في صحة وسلامة تحت راية الإمام الحسين فإن لم تحيا المجالس في المآتم فليجعل الجميع منازلهم مآتم لتتطهر البيوت ببركات وفيوضات عزاء ابي عبدالله وتكون إيجابية وعادة جليلة أن يكون في كل بيت مأتم ولو لساعة واحدة كل يوم من أيام عاشوراء وتكون عادة حسنة تستمر على مدار العام ما أعظمه من فعل إحياء مثل هذه المناسبة العظيمة أن تحفظ المبادئ والقيم الأساسية في قلب كل موالي ولايكمن التقاعس عن أدائها على أكمل وجه فهي من المقدسات العظيمة، فمع عدم إقامة المآتم أو التقليل منها ومنع وتقليل المضائف حفاظًا على السلامة العامة من أجل السلامة العامة وخير شاهد كان شهر رمضان المبارك وأيام الأعياد وتساهل الناس بالإجتماع واللقاء زادت الإصابات وكذلك عاشوراءالحضور أكبر فالمخاوف تتجدد بالإجتماعات أثناء العزاء أو المضائف وحبذا بدل إقامة المضائف التبرع بقيمتها إلى الجمعيات الخيرية على حب الإمام الحسين ويقينًا لن يقل أجره وثوابه بل سيكون الأجر والثواب مضاعفا، فالتواصل مع الإمام تواصلا مع قيمه ومبادئه وخدمة وصيانة المجتمع كما أراد الإمام واستشهد دفاعًا عنها قال الإمام الحسين : ”لم أخرج اشرًا ولا بطرًا ولا مفسدًا ولا ظالمًا إنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي، أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق“

الهدف كان الإصلاح فمع الدمعة والحزن لاينسى المحب الإصلاح في مجتمعه ورفع الكرب وتخفيف المعاناة عن الفقراء والمحتاجين فمهما كانت العطاء فلامثيل لعطاء وتضحية الإمام الحسين ، أن لايصدق قول الشاعر في مجتمعاتنا عندما سأل الإمام الحسين عن أهل الكوفة فقيل له ”قلوبهم معك وسيوفهم عليك“ وكان رد الإمام ”ما أراك إلا صدقت الناس عبيد المال والدين لعق على ألسنتهم يحطونه مادرت بهم معايشهم فإن محصوا بالبلاء قل الديانون“..

الدعاء من الله تعالى أن يرفع البلاء ويكشف الغمة بحق الامام الحسين .