آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 4:00 م

الأجهزة وهموم التعليم عن بعد

فؤاد الحمود *

اتفقت المجاميع العلمية على خطر الأجهزة الإلكترونية وقدمت العديد من الجهات الدراسات المقننة على مستوى العالم في تحديد ضوابط استخدام الأجهزة الإلكترونية لجميع مراحل العمر لدى الإنسان.

وقد تطرقت الدراسات إلى تحديد وقت وضوابط لجميع الأعمار مع تفاصيل لكل مرحلة عمرية من نمو الإنسان، وما يهمنا في هذا المقال هو المرحلة من عمر خمس سنوات إلى الثامنة عشر وهي المرحل الأساسية للتعليم، وقد صُنفت الساعات المقترحة لهذا العمر بحيث ”أنه يجب على الآباء تحديد وقت لا يتجاوز ساعتين يوميا“

كما وضعت الدراسات والإرشادات التي يجب استخدامها عند استعمال الأجهزة، ومن أهمها طريقة حماية العين؛ ونصحت في حال الظروف التي لا بد منها - كالوضع الحالي للدراسة عن بعد - بأخذ وقت كاف واستراحة متكررة للعين والتقليل من التعرض الطويل للشاشات وذلك باستخدام قاعدة «20 - 20 - 20» والتي تنص في كل 20 دقيقة أمام الشاشة لا بد من النظر إلى مجسم يبعد 20 قدما ولمدة 20 ثانية اضافة إلى مجموعة من التوصيات يمكن مراجعتها.

ناهيك عن الأضرار الصحية المتعلقة والتي قد تصل إلى الإدمان من خلال الشعور الدائم بالقلق والتوتر وآلام الظهر والرقبة والالتهابات والتشنجات، هذه الآثار على مستوى الفرد.

والآثار الاجتماعية التي يمر بها المجتمع جراء انتشار فايروس كورونا، والذي جعل الدراسة في المملكة العربية السعودية والكثير من الدول بنظام التعليم عن بعد، وقد اسدى ظلال المرحلة على اعادة ترتيب وتوازن الاسرة المفاجئ حيث لم يتم تهيئة الأسرة بل حتى المدارس والمجمعات العلمية.

فعدم الوضوح جعلها غير مستعدة للمرحلة سواء باقتناء الأجهزة المناسبة لأفراد الأسرة، حيث أن التكاليف الاقتصادية المفاجئة قد تربك توازن رب الأسرة.

وبنظرة بسيطة فإن أعداد الطلاب في المملكة ستة ملايين وقرابة من مئتي ألف طالب وطالبة، وعدد الأسر في المملكة يقارب الثلاثة ملايين وستمائة ألف أسرة، وبحساب بسيط ففي كل أسرة لا يقل عدد أفراد طلابها عن طالبين، وبغض النظر عن الوضع الاقتصادي للأسرة! هل يمكنها توفير الأجهزة إذا ما أخذ في الاعتبار أن الطلاب ليسوا في مستوى تعليمي واحد وحتى مع اختلاف الأوقات بين المراحل إلا أن أعداد طلاب المرحلة الابتدائية عاليا، وبالتالي تتمركز الأعداد فيها.

لذا فإن الأسرة أصبحت في وضع لا يحمد عقباه فضلا عن إمكانات واستعدادات السوق من توفير الاحتياجات التي تغطي الحاجة الملحة للأجهزة وذلك يعد سوء تخطيط لأي فكرة يراد طرحها كما يذكر علماء الإدارة وهو العقبة الكؤود للحياة المتوازنة.

كما أن نظرة بسيطة أو زيارة خاطفة لمكاتب التعليم للاطلاع عن قرب من الاحتياجات والمراجعات من قبل الأهالي الذين يعانون الأمرّين من شحة الأجهزة وواقع الإنترنت في بعض الأماكن، لذا على المسؤولين التوجه للميدان لمراقبة الواقع بدلا من الانطباعات النظرية كما أن معاناة الاسرة لا تتمثل في الجوانب المادية أي توفير الأجهزة والانترنت وإن كانت هذه مشكلته ليست على مستوى المملكة بل على مستوى العالم،

فبلد متطور كأمريكا يعاني من مشاكل الدراسة عن بعد خصوصا لدى المدن الكبيرة حيث أن اغلب أفراد الاسرة يعملون وبالتالي ليس لديهم الوقت الكافي في متابعة أبنائهم أثناء الدراسة حيث أن الساعات الطويلة في اليوم الدراسي وبدون تقنين واعادة موازنة لعدد الحصص من جهة والتقليل من بعض المواد أو دمجها،

فعلى سبيل المثال تحويل مواد التربية الإسلامية إلى منهج واحد بعنوان ”الدين والحياة“ كمنهج متكامل للفقه والحديث والتفسير والقرآن الكريم موزع على دروس، وإلغاء مؤقت لبعض المواد كالتربية الفنية والبدنية والأسرية وليس تقليلا من أهميتهم ولكن موائمة مع الحالة الاستثنائية والخاصة وتخفيفاً على أعباء كاهل الأسرة بسبب سير الجدول اليومي الطويل للدراسة.

وليس هذا وكفى فمثل هذه التجربة تحتاج إلى تخطيط كبير بحجم الأهمية القصوى؛ فما زال عدم الوضوح للعاملين في الميدان التعليمي بأدوارهم؛ فبعد مضي أسبوعين من بدء العام الدراسي ونحن في الأسبوع الثالث والكثير من المعلمين ليست لديهم الثقافة الكافية بالتعامل مع هذه المنصات.

ألم يكن حري بالوزارة عمل دورات كافية للمعلمين والقادة والإداريين لتسهيل نجاح العملية التعليمية أكثر مما تم عمله.

ولا يعني أن الدراسة عن بعد ليس فيها ايجابيات وثمار وفوائد لكنها تحتاج إلى بنية تحتية وتهيئة مناسبة لجميع المشاركين في العملية التعليمية.

أصبحت الدراسة في هذه السنة أمام تحد كبير في نجاحها وان تمر بأحسن المكاسب مع كل المعوقات.. فهل ننجح جميعا وبالخصوص المعلمين والأهالي في هذا التحدي؟!