آخر تحديث: 18 / 4 / 2024م - 7:01 م

منصة مدرستي في اليوم الوطني 2020

زكريا أبو سرير

أنتهز هذه الفرصة السعيدة، مناسبة اليوم الوطني، التي تحل علينا يوم الأربعاء 23 سبتمبر، وهي المناسبة الوطنية الغالية على قلب كل مواطن ومواطنة، وعلى كل مسلم ومسلمة في مشارق الأرض ومغاربها، فهي البلاد التي يتوجهون ناحيتها خمس مرات يوميا، طامعين من رب العباد العفو والمغفرة والرحمة، وهي في قلب كل المسلمين والمسلمات، كما أنها أرض السلام لكل مخلوق على وجه المعمورة.

لذا أرفع أسمى آيات التهاني والتبريكات لمقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز حفظه الله، وولي عهده الأمين محمد بن سلمان حفظه الله، وإلى الحكومة السعودية، وإلى شعبها الأبي، سائلا الله العلي القدير أن يحفظ بلاد الحرمين الشريفين من كل الأسواء، وكل عام والوطن وأنتم بألف خير.

أظن بأن أبرز حدث طرأ على الساحة السعودية، وهي تمر بيومها الوطني الخالد، هي آلية التعليم التي أصبحت تعتمد نظام التعليم ”عن بُعد“، وهي ضمن منظومة الرؤية الوطنية 2030، حيث إن التعليم من أبرز أهداف واهتمامات الرؤية الوطنية 2030 التي يرعاها ويقودها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.

وكما قيل: رب ضارة نافعة. فلولا جائحة كورونا لربما تأخر هذا المشروع الحضاري والحداثي لعدة أعوام. ونحن نعيش أجواء هذه الموجة التعليمية الحداثية، التي فاجأت الجميع عند بدء انطلاقتها المباركة وحيرت العقول في كيفية التعامل معها، وخاصةً أن هذا الهاجس كان يراود الأهالي أكثر منه لدى الطلاب والطالبات، وقد أشرنا في مقال سابق بأن غالب هذا الجيل من الجنسين قد أضحت الأجهزة الذكية صديقة حميمة لديهم، ففهم ملمون بكل دهاليز هذه الأجهزة، فلو أضيف على سطح أجهزتهم أيقونة أخرى مع اخواتها لن يباغتهم ذلك في شيء، غير الدخول إليها والتعرف على محتوياتها، ومن ثم التعامل معها كأي أيقونة رفيقة على سطح أجهزتهم الراقية والحديثة، وبالتالي لن تكون ضيفة غريبة ولا ثقيلة عليهم.

وبحسب استطلاعي كمراقب للوضع ومتتبع لمعرفة أداء المنصة التعليمية منذ بداية انطلاقها حتى اللحظة، لدى عائلتي ومن ثم أصدقائي وزملائي في العمل وآخرين، تبين لي ان المؤشر التعليمي عن بعد يبشر بالخير، وينبئ عن إيجابية وأن منصة مدرستي أصبح أداؤها رائعا ومقبولا، وأبطال هذه المنصة التعليمة من المعلمين والمعلمات الكرام أصبحوا يتأقلمون معها يوما بعد آخر، وأن أدائهم أصبح في منتهى الروعة، وهذا المؤشر الإيجابي نابع من آراء المتابعين للمنصة بشكل يومي، ابتداء من الطلاب والطالبات، وانتهاء بالأمهات والآباء، وعلى كل الأصعدة والمرافق الدراسية.

هذه المرحلة التطويرية في التعليم ينبغي استثمارها جيدا، وإعادة التفكير في كيفية تطويرها ودراستها دراسة دقيقة، عبر متخصصين على كافة الصعد الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية، والنظر إليها كمشروع مستقبلي، ولا ينبغي علينا أن نعتبر هذه النقلة التعليمة الإلكترونية الحداثية مجرد محطة مؤقتة، بل ينبغي على المؤسسة التعليمية والمواطنين ألّا يضيعوا على أنفسهم هذه الفرصة الرائعة والثمينة.

إن كل مرحلة تجديدية تحتاج إلى صبر واسع، ومثل هذه التجربة التطويرية الحداثية، ينبغي أن يتعامل معها بسياسة النفس الطويل، وأظن أنها سوف تفاجئنا بما هو أفضل، والتعليم في كل مراحله الزمانية والمكانية، هو ركيزة التطوير والتقدم والتغيير، ومن أبرز مميزات هذا التحول التعليمي، أنه سوف يفسح المجال للطالب شيئا فشيئا للاعتماد على نفسه في عملية التحصيل العلمي، وكذلك التعرف على المراكز البحثية الإلكترونية العلمية، بعدها سيكتشف الطالب انه يغوص في محيط من الأبحاث العلمية التطويرية. والمتوقع في ما بعد أن تصنع هذه المنهجية الحداثية، طالبا يعتمد على نفسه ويستغني عن الغير لجهة الاستعداد والبحث.

والأمر الثاني، لابد من خوض التجربة، ومن ثم انتظار نتائج هذه التجربة العملية الرائعة، وبعدها نقارن نتائجها بالمرحلة الأولى التقليدية، أليس من المحتمل جدا أن تنتج لنا طلابا مخترعين ومكتشفين بدلا من ملقنين أو متململين دراسيا ينتظرون نهاية كل موسم دراسي للحصول على تقدير دراسي لأيام معدودات وبعدها يتبخر كل شيء، ولماذا لا نفكر باستبدال تلك المباني المدرسية إلى مراكز للمباحثات العلمية، أو لدراسة البحوث العلمية الإنتاجية من الطلاب والطالبات، بإشراف باحثين متخصصين لا معلمين فقط، اذن كل الاحتمالات واردة وقابلة للتحقيق أن شاء الله تعالى.

ورد عن الإمام علي أنه قال: في التجارب علم مستأنف، وعنه كذلك قال: التجارب علم مستفاد، وعنه كذلك قال: العقل عقلان، عقل الطبع، وعقل التجربة، وكلاهما يؤدي المنفعة، وهنا نتذكر المثل الأمريكي الجميل القائل: من لم يجرب فلن يعرف مقدرته. ونحن ثقتنا في مقدرة طلابنا وطالباتنا ليس لها حدود، بل لعلها تكون خارقة لكل التوقعات بإذن الله تعالى.

ينبغي أن نحتفل هذا العام 2020 بمناسبتين جميلتين، الأولى والأهم هي مناسبة اليوم الوطني المجيد، حيث يعتز به جميع المواطنين والمواطنات والمسلمين والمسلمات، باعتبار بلادنا قبلة المسلمين وهي بلد الحرمين الشريفين، والثانية بمناسبة النهضة العلمية الحداثية، المتمثلة في منصة مدرستي، وبقية المرافق العلمية عن بعد، فهي الأخرى مناسبة تاريخية ونقلة تطويرية في مجال التعليم.

وكل عام والوطن وأنتم بألف بخير، ومنصة مدرستي التعليمية من حسن إلى أحسن، راجين لكل الدارسين عن بعد كل التوفيق والنجاح..