آخر تحديث: 18 / 4 / 2024م - 7:35 م

اليوم الوطني في حلته وعمره الـ «90»

ها نحن في المملكة نحتفي باليوم الوطني في حلته التسعين. حلته التي تطرزت بوحدة كيان وحيز جغرافي تفوق مساحته 2 مليون كم2. كان قبل ذلك يكتسي بحلة ممزقة بالية نهشها الفقر والقهر والجهل والمرض والجوع والخوف مع فقدان الأمن.

بدأ الملك عبد العزيز يرحمه الله في استبدال تلك الحلة بحلة أجمل تم تصميمها منذ عام 1319 باستعادة الرياض ثم تتالى تزيين تلك الحلة وتطريزها بانظمام جزء تلو جز بحنكة قيادية وهمة بطولة القائد البارع الملك عبد العزيز ورجاله البواسل من كل جزء ومنطقة من مناطق المملكة حتى تم اكتمال الحلة بإعلان توحيد المملكة العربية السعودية في عام 1351.

هذا ما تعلمته ووعته وآمنت به الأجيال، جيلا بعد جيل وستستمر.

لكن كيف نحافظ على وحدة الوطن الغالي المملكة العربية السعودية؟ كيف نحميه من كل ما يؤذيه؟

الإجابة على هذاين السؤالين هي الأساس وهو ما يجب أن يركز عليه في الاحتفال باليوم الوطني وليس فقط سرد التاريخ والبطولات رغم أهميتها ودورها الذي أعتقد أنها أساسيات تاريخية يتعلمها الأجيال ولا يكاد يجهلها إلا ربما القليل.

المملكة تمر بتحديات وتحولات كبيره وكبيرة جدا ولذا لا بد أن يكون الاحتفاء والاحتفال على قدر هذه التحولات والتحديات. صحيح اليوم الوطني اجازة وفرحة ولكنه ليس تركيزا على الترفيه والغناء والحفلات رغم أهمية ذلك الابتهاج في يوم وطني يرمز لوحدة كيان كبير.

أنا أعتقد أننا بحاجة إلى تدعيم الوحدة والحفاظ عليها باستمرار. ولكن كيف؟

قد لا استطيع سرد كل ما من شأنه الإسهام في دعم تلك الوحدة والحفاظ عليها ولكن ما لا يدرك كله فلا يترك جله.

اعتبر أن ما سأذكره انه ركائز دعم وحفاظ للوحدة،

الركيزة الاولى: هي اجتثاث كل ما من شأنه إذكاء نار التفرقة والكراهية المذهبية ووأدها. نحن المواطنون في المملكة العربية السعودية كلنا مسلمون سنة وشيعة. ما دام نحن مواطنون سنة وشيعة فهذا يعني أن لنا جميعا نفس الحقوق ونفس الواجبات. إن كلمة «مواطن» تعني الانتماء الكامل لهذا الوطن ولا ولاء لغيره بأي شكل من الأشكال ومن والى غيره فهذا يعني انه ضد وطنه ولذا لا حق له في المواطنة وللجهات المختصة اتخاذ الإجراءات القانونية تجاه ذلك. لا بد أن يترسخ هذا الانتماء لدى كل فرد بتلبس هذه الصفة ويعيش على تراب هذا الوطن. نعلم جميعا كيف سل البعض وسلط لسانه على هذه الطائفة أو تلك على منابر مساجد احيانا وحسينات وعلى وسائل تواصل أو في مجالس عامة وغيرها وأحيانا تهجم البعض على البعض في الشارع. كيل للتهم والسباب والقذف وهذه أمور أسوأ من أمور أيام الجاهلية الأولى بكثير. نحن بحاجة إلى سن أنظمة وقوانين تصون حقوق المواطنة في هذا الجانب. لا بد أن يْفهم أن هذا التقسيم المذهبي ليس وليد العقود الأخيرة وإنما هي ولادة مع بدايات الإسلام الأولى. القوانين والأنظمة الصارمة وتفعيلها بالتطبيق هي الرادعة. المواطنون بمذهبيهم يجب أن يعيشوا آمنين مطمئنين دون تجاوز على مذهب الآخر، لهم نفس الفرص ولا يفرق بينهم إلا بما يقترفونه من مخالفات وهنا وهناك من يقترف مخالفات. بعض المخالفات تكون بالغة التطرف والخطورة لأنها تستهدف الوطن ووحدته. رأينا وعشنا تنظيم القاعده الإرهابي التي تم اجتثاثها ورأينا وعايشنا ما حدث من إرهاب وعنف وتطرف في العوامية وغيرها في المنطقة الشرقية وتم وأدها ولا يزال هناك من غسل مخه هنا وهناك هاربا ومطاردا ولكن لا مجال لبقاء واستمرار مثل هذا الارهاب. كل من مارس الإرهاب هم أفراد لا يمكن تعميمها على من يدين بمذهب. ومن هنا يجب التنبه وعدم التعميم حيث هنا تكمن الخطورة. نعيش متساوون ولا نقول نتعايش. التعايش يكون على غير ايمان بنوع العيش أو القبول على مضض وهذا ما لا نتمناه ولا المفترض أن نرضاه كمواطنين ومؤكد أن القيادة الحكيمة للمملكة لا تقبله على الاطلاق.

الركيزة الثانية. إنه وفي ظل وسائل التواصل الاجتماعي فقد انبرى الملايين لاستغلالها في مجالات شتى منها النافع وأحسب قله بينما الغالبية لا نفع فيها بل تقود إلى الضرر بالوطن ووحدته. عندما تتحدث عن الركيزة الثالثة هو القبلية وترسخها والايحاء بأن هذه القبيلة او تلك هي الأفضل والأقوى والمبالغة في المدح فهو إشعار بنقص في القبائل الأخرى وهذا معول من معاول هدم الوحدة الوطنية.

الركيزة الرابعة: عندما تنشر خبرا أو شائعة دون تأكد من صحتها وخاصة ما يتعلق ويمس بالوطن بشكل سلبي فهذا معول آخر. وعندما يستغل منابر التواصل الاجتماعي للسباب والشتائم والشخصنة وخاصة في جوانب سياسية واقتصادية بهدف الذود عن المملكة دون فكر ورد على ما أورده ذلك الشخص أو أي وسيلة إعلامية من تهم او ادعاء فهذا يضعف ولا يقوي. إن الهجوم على الشعوب بجريرة قادتها لا يفيد وهناك من الدخلاء من يوشي نار الفتنة ويهاجم القادة والشعب السعودي ليستثير البعض من المدنفعين السعوديين ويستفزهم لكي يقوموا بمهاجمة شعب هذه الدولة أو تلك وهذا وأن جاء بلا شك عن حب للوطن وقادته إلا أنه يفرح ذلك المستفز ويحقق هدفه. إن كسب الصداقة هو الأفضل وخاصة صداقة الشعوب. عندما يوجه النقد غير المسئول عبر وسائل التواصل ودون وعي ولا دليل راسخ الى جهات حكومية فهذا تشويش وبلبلة. النقد الإيجابي المدعم بفكر ورؤية واضحة هو المفيد.

الركيزة الخامسة: نحن بلد إسلامي وانبثقت الدعوة المحمدية من مكة المكرمة التي بها بيت الله الحرام والكعبة المشرفة وبها المسجد النبوي الشريف. المملكة منذ عهد الملك عبد العزيز عملت على تطوير وتوسعة المشاعر المقدسة ولا تزال مستمرة بسخاء منقطع النظير، ولذا فإن الممارسات وبالذات في المدينة المنورة ومكة وبالذات من الكثير من أصحاب المتاجر والمساكن والمطوفين وغيرهم مع الحجاج والمعتمرين والزائرين من المفترض أن تعكس صورة الإسلام الحقيقية المتسامحة المعتدلة وصورة الوطن والمواطن الصادق من السعوديين.

من المؤسف أن كثيرا ممن يعمل في المتاجر غير سعوديين وربما تستر ويسيء كثير منهم في اعتقادي إلى سمعة أهل البلد. وهذ أمر مؤسف ومحزن ويعكس صورة سلبية عن المملكة وربما يصل الأمر إلى تقليل من دعم بعض الأوطان لمواقف المملكة السياسية وغيرها.

الركيزة السادسة وهي في غاية الأهمية تتعلق بالعدالة في التوظيف والبعد عن المحسوبية والوساطات مع التركيز على الكفاءات والمهارات. كل مناطق المملكة تزخر بالكفاءات الوطنية ولديها قدرات. مبدأ تكافؤ الفرص لكل المراتب والدرجات الوظيفية يعزز الانتماء ويقوي اللحمة وينهض بالوطن. خادم الحرمين الشريفين وولي عهده يبحثون ويحثون عن استقطاب الكفاءات وخاصة لتنفيذ برامج الرؤية. إن ما قد يبعد الكفاءات وخاصة في مناصب إدارية قيادية هو التوصيات التي قد تقفز على الكفاءة ويكون للصداقة والقرابة دور في الاختيار بغض النظر عن المهارة والكفاءة وهذا من شأنه أن يورث الغبن.

على كل حال هناك الكثير من الركائز تحتاج إلى تفصيل كثير، منها التعامل مع الوافدين للعمل. منها الإخلاص في العمل منها التعليم وتطويره والذي تم البدء في ذلك. ومنها انتشار المخدرات باستهداف ربما متعمد. وهناك الكثير والكثير مما نحتاجه لتدعيم والحفاظ على هذه الوحدة التي كانت مثالا منقطع النظير في القرن العشرين.

المملكة العربية السعودية خطت خطوات متسارعة في سلم التطوير والتغيير إلى الأفضل وخاصة في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان. نالت المرأة حقوقا كانت مغيبة وتم تمكينها وظيفيا في القطاع العام وكذا في القطاع الخاص. احسب أن المرأة السعودية لديها كافة الإمكانات والقدرات لاثبات كفاءتها ودورها في التطوير. علينا ألا نهتم بالقشور الذي يود بعض الفتيات احتسابها بأنها من أساسيات تمكين المرأة والتركيز على اللبس والمظهر الذي قد لا يكون مقبولا في مجتمع مسلم وأعتقد أن هذا ليس الوضع الطبيعي وليس أساسيا.

المملكة تواجه تحديات واطماع لزعزعة امنها واستقرارها ولكن القيادة واعية تمام الوعي ولديها مواطنون لديهم الاستعداد لتقدم الغالي والنفيس للدفاع عن هذا الوطن الغالي وفوق هذا وذاك فإن الله هو الحامي. في الختام اتقدم بالتهنئة الخالصة للاسرة السعودية في كل مناطق المملكة وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان. عاشت راية المملكة خفاقة وحماها الله ارضا وقيادة وشعبا من كل شر.

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 1
1
محمد عبدالمحسن
[ الدمام ]: 25 / 9 / 2020م - 11:00 ص
المادة الثانية عشرة من " النظام الأساسي للحكم "
نصت على ما يلي:
" تعزيز الوحدة الوطنية واجب، وتمنع الدولة كل ما يؤدي للفرقة و الفتنة والانقسام. "
هذا النظام بمثابة الدستور للدولة،أي أنه ينظم حياة الناس في هذا الوطن.
فكل من يحاول توظيف الإختلافات الفقهية والعقدية وغيرها بشكل سلبي سيكون في مواجهة مع النظام.
يبقى السؤال قائماً.. متى يعى هذا الشعب هذه المعادلة العدلية بأن الواجبات والمحظورات في العلاقة بين كافة الأطراف أمر ملزم بغض النظر عن الإختلافات المذهبية وغيرها التى هي في الأصل أمر طبيعي في المجتمعات الواعية المدركة لواقعها..!!..