آخر تحديث: 29 / 3 / 2024م - 11:37 ص

ضريبة التصرفات العقارية

الدكتور إحسان علي بوحليقة * صحيفة الاقتصادية

يحل القطاع العقاري في المرتبة الخامسة من حيث الأهمية النسبية في الاقتصاد السعودي، بعد الخدمات الحكومية والنفط والصناعة والتجارة. وكان تأثر إسهاماته في الناتج المحلي الإجمالي نتيجة جائحة ”كورونا“ محدودا، حيث انكمش بنحو 1,1 في المائة، في حين أن انكماش الاقتصاد ككل، وصل إلى 7 في المائة وفق البيانات الرسمية. وهذه المكانة الاقتصادية المتقدمة للقطاع العقاري ليست مستغربة البتة، فأي نشاط اقتصادي سينتهي - بصورة أو أخرى - إلى تأثير مكاني، حتى من يعملون ”عن بعد“ بحاجة إلى مكان حتى يعملوا من خلاله بعيدا عن المكتب.

وتشير بعض التقديرات إلى أن قيمة الصفقات العقارية في 2019، قاربت 670 مليار ريال، أي ما نسبته نحو 26 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، ليشير ذلك إلى حجم التصرفات العقارية في عام. وعلى الرغم من تعدد الاستخدامات العقارية بتعدد الأنشطة الاقتصادية من سكن وتجارة وصناعة وزراعة وخدمات، إلا أن المستهدف المتصدر هو رفع نسبة تملك الأسرة السعودية لمسكن لما فوق 60 في المائة، وهذا التصدر يأتي واضحا مما توليه رؤية المملكة 2030 لتملك السكن، ما جعله محل اهتمام أحد البرامج الرئيسة لتحقيق ”رؤية 2030“، حيث إن مستهدف الرؤية هو الوصول بملكية المواطنين للمساكن إلى 70 في المائة، وقد بلغت النسبة حاليا نحو 63 في المائة وفقا للتصريحات الرسمية، وعلينا تذكر أن النسبة كانت 47 في المائة في 2017. وتطلب تحقيق المستهدف - وما زال يتطلب - توفير منظومة تشريعية وتمويلية متكاملة، ومن أهم مرتكزات المنظومة توفير خيارات تمويلية تمكن المطور العقاري والزبون النهائي على حد سواء. وعند التمعن قليلا في آفاق النمو العقاري سنجدها هائلة، لاعتبارات ليس أقلها الإصرار ”الفولاذي“ الذي عايشناه على مدى ثلاثة أعوام لرفع نسبة تملك السعوديين للمساكن، وما يعنيه ذلك من نشاط مالي واقتصادي، إذ من المتوقع أن تنمو محفظة الرهونات العقارية بما يزيد على 300 في المائة في بحر ثمانية أعوام قصيرة.

وحتى في ظل جائحة كوفيد - 19 وما جلبته من انكماش، ثمة أمر يجلب التفاؤل، وهو اكتمال عناصر منظومة التمويل العقاري بما في ذلك الشركة السعودية لإعادة التمويل العقاري، التي أخذت تمارس دورا متعاظما بتسنيد الرهونات العقارية، بقيمة تجاوزت أربعة مليارات ريال في 2019، وكان يفترض أن تتضاعف خلال هذا العام إلى 20 مليارا، ولكن يبدو أن ذلك تأثر سلبا نتيجة تداعيات الجائحة. كل هذا سيفيد العرض، وجاء تخفيض الضريبة على التصرفات العقارية لتحفيز الطلب بما يسرع محركات القطاع العقاري، أحد أهم أنشطة الاقتصاد غير النفطي.

كاتب ومستشار اقتصادي، رئيس مركز جواثا الاستشاري لتطوير الأعمال، عضو سابق في مجلس الشورى