آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 3:46 م

مصداقية تشخيص وعلاج الأمراض عن طريق القدم «الريفليكسولوجي»

حسين علي المغيزل *

مصداقية تشخيص وعلاج الأمراض عن طريق القدمهل من الممكن تشخيص الأمراض وعلاجها عن طريق القدم كما يقال في علم التدليك الانعكاسي؟ قد يكون واضحاً جداً مصداقية تشخيص القدم ومشاكلها المرتبطة بها مباشرة مثل حدوث كسر أو التواء أو تشوه في شكل الأظافر أو حتى انتفاخ أو تنميل. بعض هذه الأعراض قد تدلّ على وجود مشكلة تكون أحيانا بعيدة عن القدم نفسها كمشاكل القلب أو السكري أو الديسك في الظهر.

قبل الإجابة على هذا التساؤل ربما يتحتم علينا معرفة ما هو الريفليكسولوجي «التدليك الانعكاسي».

مقدمة:

التدليك الانعكاسي هو تقنية في مجال الطب البديل التكميلي تعتمد على تدليك نقاط معينة بالقدم. مع أن هناك دلالات تشير إلى وجود هذه التقنية واستخدامها في العلاج لدى الفراعنة في مصر والطب الصيني والهندي إلا أن من أسس هذا التخصص في الطب الحديث هو د. وليام قزجيرالد. صمم هذا الدكتور خريطة القدم ليوضح فيها المناطق المتخصصة لكل عضو في الجسم والمرتبطة به.

علم تدليك القدم الانعكاسي هو عبارة عن فحص مناطق معينة في القدم يقال إن لها ارتباطاً بأعضاء الجسم المختلفة، ومن ثم معرفة ما إذا كان العضو مصابا أو متأثرا عند الإحساس بالألم في هذه النقطة في القدم. كما أن تدليك هذه النقاط من شأنه أن يعالج هذه المشاكل عن طريق استعادة تدفق الطاقة في هذه المسارات المرتبطة بالعضو كما يذكر ممارسو هذه التقنية.

الأمراض التي يعالجها تدليك القدم الانعكاسي:

يزعم ممارسو علم التدليك الانعكاسي للقدم أن هذه الممارسة تعالج كثيراً من الأمراض مثل الصداع ومشاكل الجهاز الهضمي ومشاكل النوم والجهاز التنفسي وآلام الظهر والرقبة والركبة. إضافة لذلك فإن هذا التدليك كما يقال يساعد الجسم على التخلص من الفضلات عن طريق الضغط على النقاط المرتبطة بالكلى والحالب والأمعاء. تشمل فوائد هذه الطريقة العلاجية أيضا تنشيط الدورة الدموية وإزالة احتقان وانتفاخ الأقدام وما يعيق تدفق الطاقة في الجسم خاصة من القدم للأعضاء المرتبطة بها كما يؤكد عليه المتخصصون في هذه الطريقة.

إن ممارسة التدليك الانعكاسي «أو المنعكس أو الارتكاسي كما يسميه البعض» تتطلب بعض الشروط: منها الوضعية المريحة للمريض والمعالج إضافة لاسترخاء المريض. تحتاج أيضا إلى علم ومعرفة المعالج بعلم التشريح ووظائف الجسم وأعضائه المختلفة. إضافة لذلك يجب أن يتم تدليك القدم باتجاه القلب دائما مع أن أغلب تدليك القدم يكون بالضغط على النقاط المعينة وبحركة دائرية أحيانا. يبدأ التدليك عادة خفيفا ثم تزاد قوة الضغط تدريجيا ثم تخفف في النهاية. يستمر تدليك القدم لكل نقطة معينة لِ 3 دقائق تقريبا. من الممكن استخدام قطعة صلبة ملساء لعمل الضغط والتدليك. يزيل الضغط الألم بينما ينشّط التدليك الجسم. يفضّل أن تكن المعدة خاوية وقت الجلسة العلاجية خاصة عند الحاجة لعلاج النقاط المرتبطة بالجهاز الهضمي. من ضمن فوائد جلسات التدليك الانعكاسي العلاجي أيضا إزالة التوتر في القدمين والجسم.

نظرة تشريحية:

يوجد في القدم حوالي 1500 نهاية عصبية و25 عظمة و33 مفصلا و107 من الأربطة التي تربط العظام مع بعضها و19 عضلة وكثير من الأوتار التي تربط العضلات مع العظام. و125000 غدة عرقية إضافة لشبكة من الأعصاب والدورة الدموية والجلد والأنسجة الضامة تحت الجلد. من هنا تكمن أهمية القدم. بصفة عامة لا شك أن للقدمين أهمية قصوى في الحركة والتنقل والرياضة وفي كثير من المهام اليومية. لذا يجب الاعتناء بهما وتنظيفهما وغسلهما وتجفيفهما يوميا خاصة بين الأصابع.: كما يجب لبس الأحذية المناسبة وعدم المشي حافيا على أرض صلبة من دون حذاء. سيفيد الرجلين والجسم المشي حافيا على أرض رملية.

علاقة القدم ببعض الأمراض:

انعدام الشعور بالقدمين يدل على خلل في تدفق الدم.

برودة القدمين فيه دلالة على مشاكل في الغدة الدرقية إضافة لوجود التعب وزيادة الوزن.

التورم والالتهاب في الأصابع فيه دلالة على وجود النقرس «حمض اليوريا» وجفاف الجلد أو وجود التهاب أو عدوى وربما مشاكل في القلب والدورة الدموية.

الرائحة الكريهة تعكس مشاكل تتعلق بالنظافة والحاجة للعناية بالقدمين عامة.

صعوبة المشي ربما يعكس صعوبة امتصاص الكالسيوم وهشاشة العظام وسهولة السكر.

خدران القدمين ربما يدل على وجود ضغط على الأعصاب المتصلة بالقدم كم هو الحال في بعض حالات ألم الديسك أو عرق النسا وربما يكون بسبب تلف فيها كما هو الحال في حالات السكري والتصلب اللويحي.

أمراض أخرى كالتهاب وتر العرقوب ومسمار القدم أو التهاب أخمص القدم.

مناطق الأعضاء في القدم في الريفليكسولوجي:

إن النقاط التي في القدم وترتبط بأعضاء الجسم تكون بحسب موقع العضو في الجسم. فمثلا وجود القلب قريبا من الجهة اليسرى في الجسم يجعل النقطة المرتبطة به في القدم اليسرى وبالتحديد تحت الأصبع الأصغر، بينما الرئة اليمنى في القدم اليمنى واليسرى في اليسرى وهكذا. أما العمود الفقري فيتمثل في الجانب الخارجي للقدم بينما الحوض في كعب القدم. الغدد النخامية والصنوبرية يكون مركزها في جانبي الإبهام.

تنقسم القدم في علم الريفلوكسولوجي لخمس مناطق. أولها مشط القدم وفيها نقاط ترتبط بالرئتين والكتف. ومنها الأصابع وفيها مراكز الرأس والعنق. المنطقة الثانية هي القوس العلوية وفيها النقاط المرتبطة بالحجاب الحاجز وأحشاء البطن العلوية. بينما القوس السفلية فيه النقاط المرتبطة بالحوض وأحشاء البطن السفلية. المنطقة الثالثة هي الكعب وفيه النقاط المتصلة بالحوض ومشاكل عرق النساْ. أما منطقة خارج القدم ففيها النقاط التي تؤثر في الذراع والكتف والورك والساق والركبة وأسفل الظهر. بينما داخل القدم به النقاط التي تؤثر على العمود الفقري. وفي الأخير منطقة الكاحل وفيها النقاط المتصلة بالأعضاء التناسلية والحوض.

من ضمن الحالات التي يتعامل معها لتدليك الانعكاسي للقدم حسب ادعاء ممارسيه في الطب التكميلي البديل:

تنظيف الجسم والأعضاء من السموم وإنقاص الوزن وزيادة تدفق الدم وعلاج الصداع والجيوب الأنفية وعلاج الحساسية والربو وعلاج آلام الظهر وتخفيف آلام الطمث وعلاج حصى الكلى وتخفيف آلام التهاب المفاصل وعلاج حالات البروستات وتحسين الدورة الدموية وعلاج حالات التوتر والتعب والإجهاد والإصابات الرياضية.

وجهة نظر الطب الحديث:

كل هذه المعلومات والتعليمات في ممارسة تدليك القدم الانعكاسي أو المنعكس تبدو رائعة وممتعة وربما بعضها مفيد جدا. مع أن الكثير من الناس يحبون هذا النوع العلاجي ويرتاحون معه ويشعرون بالاسترخاء وراحة القدمين والجسم إلا أنه لا يوجد دليل علمي قوي ثابت بحسب الشروط البحثية القوية يدل على مصداقية هذه التقنية العلاجية أو أن استخدامها في تشخيص وعلاج الامراض عن طريق الضغط على النقاط المنعكسة في القدمين كما جاء في بحث د. ارنت وكورد في المجلة الأوروبية للممارسة: نوفمبر 1996». لكن وبالرغم ن هذا لا يمكن نكران التأثير العام من الراحة والاسترخاء المصاحب لهذه الطريقة العلاجية «د. ارنت وكورد» و«Relias Media، 2007».

في بحث آخر نشرته مجلة «J.Holist Nurse، 2003 واستنتج فيه الباحثون أنه لا يوجد دليل ناهض يؤيد إمكانية التشخيص أو العلاج عن طريق تدليك القدمين أو الريفليكسولوجي والنقاط فيها، بل أنه لا يختلف في التأثير النهائي عن تدليك القدمين العادي. إلا أنه ربما يساعد في تخفيف الأعراض المصاحبة للمرض ولكن ليس علاج أو شفاء المرض نفسه.

دراسة أخرى لمراجعة الأبحاث التي تمت بين عام 1996 حتى عام 2007 لمعرفة تأثير الريفليكسولوجي «مجلة التمريض المتطور، مايو 2008» وجد أن هناك بحثاً واحداً فقط ذي دلالة إحصائية يذكر أن الريفلوكسولوجي يؤثر على أمراض الجهاز البولي وبدرجة مشابهة قليلاً على الجهاز العضلي أيضا. أما الحالات الأخرى فليس له أي تأثير عليها. «Journal of Advanced Nursing، May 2008».

في المقابل بينت دراسة أخرى نشرت عام 2000 في مجلة «Nursing Standard» أن علاج الريفليكسولوجي له أثر إيجابي كعلاج تلطيفي لتخيفيف الألم في حالات السرطان إضافة لرفع مستوى جودة الحياة المعيشية لديهم. وقد عزا بعض الباحثين هذه النتيجة والتأثير للراحة النفسية والعضلية المكتسبة مع حركات التدليك والتواصل الجسدي والنفسي بين المريض ومعالجه. إضافة لذلك فإن التأثير قد يكون بسبب التأثير الكاذب الإيحائي على تفكير المريض «Placebo Effect».

دراسة أخرى وضحت تأثير الرفليكسولوجي والإبر الصينية والموسيقى وخلصت إلى وجود تأثير إيجابي في علاج الأرق والنوم «Insomnia».: مجلة الإبر الصينية في الطب، ديسمبر 2009». قد تكون هذه من أقوى الدراسات التي تؤكد تأثير هذه التقنيات في علاج أرق النوم.

النتيجة:

كنتيجة عامة نستطيع أن نقول إن الريفلوكسولوجي تقنية تشخيصية وعلاجية في الطب البديل تستخدم التدليك في نقاط معينة في القدم. هذه النقاط قد تكون مرتبطة بأعضاء الجسم وتدليكها ربما يعطي تأثيرا إيجابيا لعلاج بعض الأعراض ولكن ليس المرض ذاته. كما أن هذا التأثير إن وجد قد يكون نتيجة للاسترخاء الناتج عن التدليك والتواصل الجسدي بين المعالج والمريض وبسبب تحسن الدورة الدموية ومسارات الطاقة بحسب رأي ممارسي هذه الطريقة العلاجية. مع هذه النتائج إلا أنه لا يوجد دليل علمي قوي يبرهن أن التدليك الانعكاسي يستطيع تشخيص ومن ثم علاج الأمراض العضوية عن طريق فحص وتدليك هذه النقاط في القدم.

ماجستير علاج طبيعي