آخر تحديث: 16 / 4 / 2024م - 4:10 م

التخطيط الحضري والاعتبارات الجمالية والاجتماعية

أثير السادة *

تنشغل الجهات البلدية بوضع الاشتراطات والقوانين فيما يتعلق بتحسين المشهد الحضري، فتراها مثلا تدفع باتجاه توحيد لوحات البقالات وتطوير الواجهات التجارية، وكذلك الأرصفة والمواقف، وهذا أمر محمود، تحت عنوان محاربة التشوه البصري والتحسين الحضري، لكن ثمة أمر آخر يبدو لي عنوانا للفوضى على مستوى تنظيم الأنشطة التجارية، كأن تجد محل عطور شهير على شارع تجاري عريض، يجاوره مباشرة محل لبيع المعسل، ومطعم للوجبات الثقيلة، تشعر وكأنك أمام خلطة من خلطات الطب الشعبي، وليس رصيفا يجمع أنشطة تجارية تلبي احتياجات الناس.

ترخيص محل عطور بجوار محل معسل يبعث على الارتباك، وعلى الشك بوجود تنظيم لطريقة توزيع الأنشطة التجارية في هذه الشوارع الرئيسة، كل شيء يوحي بأننا انشغلنا بشكل اللوحات، وتركنا العلاقة بين المحلات، لا شيء ينتمي للذوقي والجمالي في هذا الترتيب المتبع، أن تتحضر لدخول مقهى عصري، يتفاخر بأنه يقدم أحدث أنواع القهوة وأشهى أطباق الطعام العالمية، بينما تطل بعينك على محل يتختال بفوضى الإضاءة الفاقعة وهو يلوح لك بألوانه لتجرب مختلف نكهات المعسل.. هذا يجعلك تشعر بعشوائية التخطيط، وفي أحسن الأحوال تطبيق قاعدة“ترك الحبل على الغارب”، فكل صاحب بناية موكل باختيار المستأجرين، من أي نشاط جاؤوا، فإذا كانت عمارة تجارية سكنية، سيظل مصير أهل العمارة يتأرجح على حد ضمير المالك، إن شاء أن يجلب لهم ما يفسد راحتهم، وإن شاء اشترط أنشطة لا تجلب الفوضى ولا الروائح ولا الازعاج للساكنين!.

إعادة النظر في التطوير العقاري مسألة مهمة للوصول إلى تنظيم المحال التجارية، فمن المفهوم أن توجد مجمعات تجارية مصغرة تجمع بين جنباتها أنشطة متنوعة استجابة لاحتياجات الناس، لكن أن تتحول الشوارع التجارية إلى مساحة غير متسقة من الأنشطة غير ذات الصلة، والمتبانية في قيمتها وجودتها، فضلا عن السماح بتواجد محلات لبيع مواد خطرة على الصحة ضمن فضاءات يقصدها الصغار والكبار، فهذا ما يجعل الأمور كلها مسيرة وفق اعتبارات استهلاكية لا أكثر، وأنها تمارس التأثير بقصد او بغير قصد على المستهلكين محليا للتوسع في استخدام المعسل والأراجيل، مخالفة بذلك الجهود الوطنية الصحية في التخفيف من استعمال التبغ وماشابهه.

كنا نظن بأن هذه المحلات ستظل بعيدا عن الأحياء ووسط المدن لاعتبارات اجتماعية وتربوية وصحية، غير أن القرارات الصادرة مؤخرا عن الشؤون البلدية والقروية دفعت بها إلى العمق، إلى البقالات والهايبرماركت، وأضافت لها السماح ببيع السجائرالالكترونية، وهاهي المحلات المتخصصة بالسجائر الالكترونية تشرع أبوابها، تدلف للمخبز فتصافحك لوحة جميلة تتغزل العابرين لشراء السجائر الالكترونية، تماما كمحلات العطور والبخور، وليس لنا إلا أن نقول“ زغرطي يا انشراح اللي جاي اسوأ من اللي راح”.!. وبس.

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 1
1
محمد عبدالمحسن
[ الدمام ]: 10 / 10 / 2020م - 5:08 م
واقع مرير تعيشه المدن والقرى بهذه الفوضى، خذ على سبيل المثال أحياء الدمام، تجد الكثير من الملوثات البصرية لا أعلم متى ستختفى هذه المشاهد، لكنه أمر قد يطول رغم أهمية وضع الحلول المناسبة، وإعادت تنظيم فتح هذه المحلات بشكل يبعث على الأرتياح..!!..