آخر تحديث: 18 / 4 / 2024م - 4:55 م

بوعينا نجح موسم عاشوراء الاستثنائي

علي حسن آل ثاني

بذكرى رحيل الرسول الأكرم يوم الثامن والعشرون من شهر صفر والذي من خلال هذه المقالة نعزي جميع العالم الإسلامي في كل مكان بهذا الرحيل المؤلم الحزين ونسأل الله أن يوحد كلمة المسلمين وان يكشف هذه الغمة عن هذه الامة. وبانتهاء هذه الذكرى الحزينة ينتهي موسم عاشوراء الحسين لهذا العام والذي جاء استثنائيا بكل المقاييس بسبب جائحة كورنا والتي ضربت العالم بأكمله.

انتهى الموسم بنجاح وذلك بسبب التنسيق المسبق بين أصحاب المجالس الحسينية والجهات المعينة بوزارة الصحة، بمشاركة الجهات الأمنية ومتابعتها المستمرة طيلة إقامة المجالس المنتشرة في كافة انحاء منطقة القطيف، ولا ننسى الوعي الكبير للمجتمع والذي حرص كل الحرص على الالتزام بكافة الاحترازات الصحية والتي طَلَبَت. منه، وإن حدثت بعض الهفوات من البعض فهذه لا تقاس بحجم هذه الجموع التي تحضر كل الليلة من إحياء ليالي عشرة محرم.

إن التنسيق والتعاون والعمل المشترك بلاشك من الجميع هو عنوان النجاح، وهذا لم يأتي من فراغ لولا نضوج الوعي لدى المجتمع القطيفي والذي اثبت للجميع انه مجتمع مثقف وبحضوره اللافت للمجالس الحسنية بهذا المستوى من النظام والتنسيق والتزام المجالس بالتعليمات والإجراءات الاحترازية والتقيد بها وإحياء الذكرى وفق الضوابط المطلوبة، ومنها التباعد الاجتماعي ومحدودية الأعداد وارتداء الكمامات والنظافة العامة وغيرها

والتعاون مع الكوادر الحسينية المتواجدة لخدمته وسط تلك الأجواء الحارة والرطوبة فتحملوا كل ذلك العناء من اجل ان يشارك الجميع ويواسي اهل البيت في الاستماع لهذه المجالس، حيث التزم الجميع بما كانت ترسمه لهم تلك الكوادر، وهذا دليل الوعي المجتمعي والمسؤولية الوطنية التي يتحملها الجميع.

وقد شاهد الجميع عبر منصات التواصل الاجتماعي وعبر القنوات التليفزيونية المحلية ومن دول الجوار ما بثته تلك القنوات من الحضور المبهر لجموع المستمعين في كل انحاء المنطقة والذي أثني عليه الجميع رغم صعوبة المهمة وسط تفشي هذا الفيروز، من خلال بث رسائلها اليومية حول الالتزام بخطة وزارة الصحة والجهات الأمنية من اجل سلامة الجميع.

وحينما نتحدث عن انتهاء موسم عاشوراء لا نتحدث عن عشرة محرم فقط بل عن موسم يمتد من بداية اول يوم محرم وحتى 28 من صفر وهي مناسبة ذكرى رحيل النبي هذه الأمة محمد صل الله عليه وآله وسلم.

نتحدث عن موسم فيه يَحْي شيعة أهل البيت الشعائر الحسينية ومراسم العزاء وإقامة المواكب الحسينية وبقية الفعاليات التي تصاحب هذه الذكرى الأليمة بكل أشكالها.

وأظهرت لنا الروح الأخوية والتعاون البناء والمثمر بين الجهات الحكومية والمجالس الحسينية والتنسيق المشترك الذي شهدناه على مدار هذه الأيام مما جعل عملية التنظيم سلسة وسليمة في ظل الأمن والسلام الذي وفرته الجهات الصحية والأمنية المشاركين.

حيث شاهدنا كيف قامت وزارة الداخلية بكل أجهزتها بتأمين المجالس والمشاركين في احياء عاشوراء، وهذا التلاحم يعزز وحدتنا الوطنية التي هي صمام أمان هذا الوطن الذي يحتضن الجميع بكل محبة بعيدا عن كل ما يفرق بين أبناء الوطن الواحد.

لهذا حرص الجميع ان لا تجمد هذه المناسبة الأليمة والإصرار على إقامة هذه الشعائر لأنها خط مستمر لمَ يمثله الأمام الحسين من حركة إصلاحية متجددة دائمة على مر العصور، وستظل باقية في الوجدان الشيعي عبر الأجيال، واي ظرف من الظروف تطلب ذلك يجب المساندة من الجميع، لأن يعطي لها وهجاً ونبضاً وحرارة، وهذا هو السر في تأكيد الائمة صلوات الله عليهم على مسالة الحزن والبكاء على الأمام الحسين.

قال الإمام جعفر الصادق ﴿أَحيوا أمرنا فرحم ألله من أحيا أمرنا..

واستمرار إقامتها مهما كانت الظروف ومن خلال هذا الانصهار الوجداني والعاطفي نعبر إلى المضامين والأهداف التي انطلقت بها هذه المناسبة وإذا ماتت العاطفة وتجمدت الدمعة وخمد الوهج، كَسَلَت المفاهيم والاهداف السامية.

لهذا قطعت المرجعيات الدينية كل الجدل الذي تحول إلى مساحة ومناقشات تداولتها المواقع الكترونية ومنصات التواصل الاجتماعي بين الجمهور الحسيني في كل مكان وأمرت بإحياء هذه الفاجعة الأليمة مع الاحتفاظ بالضوابط والإجراءات الاحترازية الضرورية التي أمرت بها الجهات الصحية والأمنية في الدولة. فالضرورة في إحياء عاشوراء أنْ تمتزج العاطفة مع الوعي، وهذا سر نجاح هذا الموسم الاستثنائي.

ولا يسعنا إلا أن نتقدم بجزيل الشكر والتقدير لكل من أسهم في إنجاح هذه المناسبة في ظل هذه الجائحة التي يمر بها العالم وما سببته من مشاكل لا حصر لها، وخسائر بشرية ومادية واقتصادية، وأثرت سلبا على مظاهر الحياة العامة والخاصة، إلا أن بتكاتف الجميع والوعي المجتمعي مع أصحاب المجالس وتعزيز نصائح وارشادات الخطباء الحسنيين من فوق المنابر وبمشاركة منصات التواصل في بث الوعي لدى الجميع أحيت المنطقة ذكرى عاشوراء بكل سلاسة ويسر بنجاح مشهود والحمد الله. ولا جعله الله آخر العهد في بلوغنا للمواسم القادمة.

السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا حبيب الله، السلام عليك يا أمين الله، السلام عليك وعلى أهل بيتك الطيبين الطاهرين الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، السلام عليك وعلى سائر الأنبياء والمرسلين وعباده الصالحين. وعظم الله أجورنا وأجوركم.

التعقيبات المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
التعليقات 1
1
محمد عبدالمحسن
[ الدمام ]: 15 / 10 / 2020م - 10:52 م
الجهات المسؤولة الصحية والأمنية وغيرها قامت بواجبها، وهو الدور المؤمل منها، أما الدور الذي قام به المجتمع خلال الفترة العاشورية هو أيضاً متوقع، بل وحصل تطابق مع ما لدى الناس من خارج المنطقة من صورة ذهنية جميلة عن هذا المجتمع الصابر، المكافح، الواعي، والمدرك لما يدور حوله من مخاطر، فهو في الأصل مجتمع متعاون ومتكافل، وقد سطرت الجهات الرسمية، والمجتمع من مؤسسات مجتمع مدني وأفراد ملحمة رائعة، وبحمد الله تحقق النجاح .
:: نسأل الله أن يديم علينا جميعاً نعمة الأمن والأمان والصحة والسلام..!!..