آخر تحديث: 24 / 4 / 2024م - 8:46 م

كيف تشعل جذوة الفضول

عدنان أحمد الحاجي *

عندما نلائم المصاعب مع قدراتنا، يصبح التعلم مكسبًا أساسيًا

بقلم ستانيسلاس ديهاين، باحث الأعصاب المعرفي

29 يناير 2020

المترجم: عدنان أحمد الحاجي

المقالة رقم 329 لسنة 2020

How to Rekindle Curiosity

When we tailor problems to match our capacity، learning becomes a primal reward

Stanislas Dehaene

Jan 29,2020


 

التعلم هو متعة أساسية، وكذلك الرغبة في المعرفة. يتلازم الفضول تلازمًا وثيقًا بدارة circuit الدوبامين في الدماغ - وهي نفس الدارة التي تثار استجابةً للطعام والمخدرات والجنس. كلما أصبحت «أنت» أكثر فضولًا، كلما زادت تلك المناطق نشاطًا.

إشارات الفضول العصبية الحيوية هذه لا تتنبأ فقط بمقدار ما تتعلمه، ولكن بما تحتفظ به «تتذكره». فكلما أصبحت «أنت» أكثر فضولًا حيال شيء ما، كلما زادت احتمالية تذكرك للتفاصيل العرضية المرتبطة بالمعلومات الموجودة لديك. فإذا كنت تتوقع شيئًا مشوقًا من الثرثرة «تعرف محليًا بالسوالف»، على سبيل المثال، فمن المحتمل أن تتذكر ما كان يرتديه مصدر معلوماتك أو تعبيرات وجهه. درجة شغفك بالمعرفة تتحكم في قوة ذاكرتك.

الفضول هو قوة دافعة تدفع الحيوانات على الفعل، تمامًا مثل الجوع أو العطش أو الحاجة إلى الأمان أو الرغبة في التكاثر. ولكنه أيضًا جزء مما يجعل البشر، كنوع، فريدًا من نوعه. في حين تقوم الحيوانات الأخرى فقط بالمرور ب «زيارة» مكان حولها، لا يكتفي البشر بذلك بل يقومون باستكشاف العوالم المفاهيمية.

نحن نبتهج، على سبيل المثال، بالتناظر والجمال الطبيعي للأنماط الرياضية [الفركتلات]. يمكن لنظرية بارعة، أن تثيرنا أكثر بكثير مما تثيرنا مجرد قطعة شوكولاتة. وعندما نكتشف فجأة أن أحد افتراضاتنا الضمنية خاطئة - لنفترض أن لوحة طريق مكتوب عليها ”xing“ تعني ”العبور“، وليست شيئًا متناغمًا مع كلمة ”zing“ - يثير دماغنا استجابةً من التسلية. نضحك على سخافة كوننا مخطئين للغاية، لكننا أيضًا نصبح مسرورين لو صححنا أحدٌ. تشير الدراسات إلى أنه عندما تكون جميع العوامل الأخرى متساوية، يبدو أن الضحك أثناء التعلم يزيد من الفضول ويعزز الذاكرة اللاحقة.

العديد من علماء النفس حاول تحديد الخوارزمية التي تكمن وراء فضول الإنسان. لو فهمنا هذه الخوارزمية بشكل أفضل، فربما يمكننا التحكم في هذا المكون الأساسي لمنهجنا التعليمي، وحتى إعادة إنتاجه في آلة تقوم بالتدرج في تقليد أداء الجنس البشري: روبوت فضولي.

بدأ هذا النهج الوغاريمتي «الخوارزمي» في أن يأتي أكله. بعض أعظم علماء النفس، من ويليام جيمس إلى جان بياجيه Jean Piaget إلى دونالد هيب Hebb، قد تكهنوا بطبيعة العمليات العقلية التي تكمن وراء الفضول. بمرور الزمن، توصل مختلف هؤلاء الباحثين إلى إجماع على أن الفضول هو التجلي المباشر لدوافع الأطفال لفهم العالم وبناء نموذج له. بعبارة أخرى، يرشدنا الفضول إلى ما نعتقد أننا نتمكن من تعلمه. نقيض الفضول، الملل، يبعدنا عما نعرفه بالفعل، أو عن المجالات التي من غير المحتمل أن تبقّى لها أيُ شيء يعلمنا، وفقًا لتجاربنا السابقة.

هذه النظرية تفسر سبب أخذ الفضول شكل منحنى ناقوسي عندما يتعلق الأمر بالجدة novelty. ليس لدينا فضول تجاه الأشياء غير المفاجِئة؛ الأشياء التي رأيناها ألف مرة من قبل أصبحت مملة. لكننا أيضًا لا ننجذب إلى الأشياء المستجدة للغاية أو المفاجِئة، أو المربكة جدًا لدرجة أن هيئتها تتملص منا. بين الملل من البساطة والنفور الشديد من التعقيد، يوجهنا فضولنا بشكل طبيعي نحو مجالات جديدة وفي نفس الوقت سهلة المنال. حتى الأطفال الرضع بعمر بضعة أشهر يتجهون نحو مثيرات ليست بسيطة جدًا ولا معقدة للغاية، ولكن ذات هيئة مناسبة تمامًا للتعلم بسرعة - وهي ظاهرة تُعرف باسم تأثير مبدأ الإعتدال Goldilocks «للتعريف، انظر 1».

رؤية الفضول هذه تؤدي إلى تنبؤ مثير للاهتمام. وهذا يعني أنه لكي يكون الناس فضوليين، يجب أن يكونوا على دراية بما لا يعرفونه بعد. بمعنى آخر، يجب أن يمتلكوا قدرات ادراك الإدراك «ما وراء المعرفة، مزيد من المعلومات عن هذا المصطلح في 3»، حتى في سن مبكرة. إدراك الإدراك يحيط بكل ما نعرفه عن عقولنا، ويلعب دورًا رئيسيًا في الفضول. في الواقع، لتكون فضوليًا هو أن ترغب أن تعرف، مما يعني أن تعرف ما لا تعرفه.

قد يفسر إدراك الإدراك أيضًا لماذا نفقد رغبتنا النهمة في معرفة ”لماذا“ عن كل شيء تقريبًا، في مرحلة الطفولة المبكرة، وبعد أن نقطع بضع سنوات في المدرسة. ومع تقدمنا في مرحلة التعلم، تتقلص المكاسب التعليمية المتوقعة: كلما كان إتقاننا لمجال ما أفضل، كلما وصلنا إلى حدود ما يمكن أن يقدمه هذا المجال، كلما قل اهتمامنا به. لإبقاء الفضول مستمرًا، على المدارس أن تغذي باستمرار أدمغة الأطفال فائقة الحوسبة بالمثيرات / المحفزات التي تتناسب مع ذكائهم. هذا ليس هو الحال دائما. في الفصول الدراسية العادية، غالبًا ما يفتقر الطلاب الأكثر تقدمًا «الموهوبون» إلى التحفيز: بعد بضعة أشهر، يتلاشى فضولهم ولم يعودوا يتوقعون تحصيل الكثير من المدرسة، لأن نظام إدراك الإدراك لديهم قد تعلم ذلك، وللأسف، فمن غير المرجح أن يتعلموا المزيد منها.

في الطرف الآخر من الطيف، الطلاب الذين يواجهون صعوبات في المدرسة قد يصابون بالفتور لسبب من الأسباب الإنفعالية. إدراك الإدراك لا يزال الجاني الرئيسي؛ بعد فترة، لم يعد لدى هؤلاء الطلاب أي سبب ليكونوا فضوليين، وذلك لأنهم تعلمو أنهم لا يفلحون في التعلم. تجارب ماضيهم حفرت قاعدة بسيطة، ولكنها خاطئة، في أعماق دارات إدراك الإدراك لديهم: أنا غير قادر على تعلم الرياضيات. أحكام إدراك الإدراك هذه كارثية لأنها تثبط الطلاب وتقطع فضولهم من الجذور.

الحل هو نفسه لكل من تلاميذ المدارس والكبار في القوى العاملة: ينبغي تذكير الناس أنهم قادرون تمامًا على التعلم، بشرط أن تلائم المسائل الرياضية مستواهم، وأن التعلم يأتي بمكاسبه. نظرية الفضول تقول أنه عندما نكون محبطين من القيام بمهمة عمل ما إما لكونها سهلةً جدًا أو صعبةً جدًا، يجب علينا أن نلهب جذوة رغبتنا للتعلم من خلال تجزئة المهام حتى تكون محفزةً وقابلةً للإنجاز. في المدرسة وطوال الحياة، ملاءمة المصاعب مع قدراتنا تلهب جذوة متعة تعلم شيء جديد. من هنا، نظام إدراك الإدراك لدينا تعلم أننا يمكن أن نتعلم، والذي يضع الفضول مرة أخرى على السكة الصحيحة.

مصادر من خارج النص

- مبدأ الاعتدال: ”سُمي مبدأ الاعتدال قياسًا على قصة الأطفال المقدمة من“ الدببة الثلاثة ”، حيث تذوق فتاة صغيرة تدعى“ Goldilocks ”ثلاثة أوعية مختلفة من العصيدة وتجد أنها تفضل العصيدة التي ليست ساخنة جدًا أو باردة جدًا، ولكن لديها فقط درجة الحرارة المناسبة. يمكن فهم مفهوم“ الكمية الصحيحة ”بسهولة وتطبيقه على مجموعة واسعة من التخصصات، بما في ذلك علم النفس التنموي وعلم الأحياء وعلم الفلك وعلم الاقتصاد والهندسة“. اقتبسناه من نص علي هذا العنوان: https://ar.wikipedia.org/wiki/مبدأ_الاعتدال

2 - ”إدراك الإدراك «بالإنجليزية: Metacognition» ‏، أو ما وراء المعرفة، هو مجال دراسة كيفية إدراك المعرفة المحصلة. يعرف عادة ب“ المعرفة حول المعرفة ”. الإدراك الذاتي يأخذ أشكال مختلفة مثل معرفة متى وكيف تطبق“ إستراتيجيات مختلفة للتعلم أو حل المشاكل ”“ الذاكرة الإدراكية، أو معرفة الفرد عن ذاكرته، هو نوع مهم من أنواع إدراك الإدراك. ”. لا يوجد دراسات وافية حول الاختلافات في الإدراك بين الثقافات المختلفة والتي لو حصلت لأعطت نتائج مفيدة في تحسين ظروف التعلم بين الطالب والمعلم في مجال الثقافات المتعددة. وينظر بعض علماء النفس الثوريين بأن الميتاكوغنيشن هو أداة للمحافظة على البقاء والذي يجعله ضرورة حية في جميع الثقافات. كما يمكن تتبع الكتابات حول الموضوع إلى أيام الفيلسوف الإغريقي أرسطو وخاصة في أعماله بعنوان“ حول الروح ”«بالإنجليزية: De Anima» ‏ و“ الماورائيات ”«بالإنجليزية: Parva Naturalia» ‏.“ اقتبسناه من نص ورد على هذا العنوان https://ar.wikipedia.org/wiki/إدراك_الإدراك

المصدر الرئيس

https://forge.medium.com/how-to-rekindle-curiosity-8d2c6196e8fa