آخر تحديث: 28 / 3 / 2024م - 9:48 م

”حدثني أبي“

علي العبكري

”1“

كنت في الثامنة عشرة من العمر تقريبًا ولا أزال أتذكر تلك الليلة الرمضانية شديدة البرودة واجتماع المعزين فيها لمناسبة إحدى ليالي استشهاد أمير المؤمنين ، لم يمنع البرد القارص خروج موكب كبير ولكنه منع المعزين من خلع تيشرتاتهم.

ألهب الرواديد أثابهم الله المشاعر وراحت الأكف تهوي بحماس على الصدور المشتعلة، نعم كانت إحدى ليالي أمير المؤمنين ولكن كانت الأبيات جلها بخصوص القضية الفلسطينية حيث كانت تجرى على ما أتذكر مباحثات شرم الشيخ، لعنا جميعًا في تلك الليلة المفاوضين المتآمرين حسب تصورنا طبعًا وشبهناهم بابن ملجم.

حتى وقفنا الوقوف الأخير والفقرة الختامية، تحلقنا حول بعضنا وكانت ”الكسرة“ الختامية ”لن نرض بسلام فيه القدس تسلب“ طُبعت هذه ”التحليقة“ في ذهني ورحت أرددها قائمًا وقاعدًا وعلى جنبي حتى سمعني أبي يومًا دون أن أعلم بوجوده وقال لي ”والله ياولدي إذا بصير سلام لابياخدو شورك ولاهم جايبين خبرك“

”2“

كنت يافعًا عندما قال لي أبي أطال الله عمره يومًا أنه لايمكن للمجتمع الاستغناء لا عن الطبيب ولا المعلم، وجاءت هذه الجائحة مصداقًا لقوله حفظه الله فالطبيب كان له الدور الذي لمسه كل من أصيب من علاج ومن لم يصب بنشر سبل الوقاية.

أما المعلم فلا أصدق من تشتت العائلة مابين تطبيقات مدرستي وميكروسفت وقنوات دروس وعين وغيرها بسبب غياب المعلم القسري، ناهيك عن الهلع الذي ألمسه لدى أولياء الأمور من تأثر الحصيلة التعليمية لأبنائهم، هذا فيما انتشرت عدة مقاطع فيديو وعدة كلمات تعتذر للمعلم عن الحملة الشعواء التي طالته وتعليقات السدج فيما يخص راتبه وإجازته، ولفت نظري مقطع مصور لأحدهم يعتذر للمعلمين ويعترف بحالة الهلع في المنازل وعجز الآباء والأمهات عن تعليم طالب واحد هذا فيما كان معلم واحد يعلم أربعين طالبًا وأكثر، نعم كان المعلم يعينهم ويغنيهم بعد الله من هذا كله وسلاحه السبورة والطبشور.